لا تغيير مع انحباس البحث العلمي
حسين الرواشدة
جو 24 : تحتاج ازمة البحث العلمي في بلادنا الى وقفة طويلة ونقاش موسع يتجاوز بكثير قدرة هذه المقالة العاجلة على ذلك ، لكن حسبي ان افتح هذا الملف الخطير وان انبه الى اهميته ، مع رجاء حار لكل المعنيين به لرفع اصواتهم عاليا من اجل النهوض بهذه الفريضة الوطنية والحضارية.. اذ لا معنى - اطلاقا - ان نتحدث عن الاصلاح والتطوير والتحديث والتقدم والحرية والكرامة ،وغيرها من العناوين الكبيرة التي تفيض بها خطاباتنا خاصة بعد الثورات والتحولات العربية ،لا معنى لكل ذلك في ظل غياب او تراجع البحث العلمي في جامعاتنا ومؤسساتنا.. واقتصار ما يُقدم منه من قبل اساتذتنا على هدف الترقية فقط.. او النشر في مجالات محكمة لا يقرؤها احد.
من حقنا ان نتساءل: هل لدينا استراتيجيات واضحة للبحث العلمي ، وهل لدينا صناديق مخصصة لتمويله ، وهل لدينا صناعة معلومات وحرية كافية ومؤسسات للتنسيق بين المراكز البحثية ، من يمول البحث العلمي ، وما هي نسبة المخصصات التي تنفق عليه وكما تعادل بالنسبة للناتج القومي الاجمالي ، وهل تتوجه البحوث التي تقدم لخدمة المجتمع ، ام انها معزولة تماما عن قضاياه وهمومه ، وماذا عن المشكلات الادارية والفساد المالي وتدني اجور الباحثين ، وهجرة العقول الى الخارج..؟
ثم ماذا عن مشاركة القطاع الخاص في تمويل الانشطة العلمية.. وما علاقة استقلالية الجامعات بازمة البحث والتطوير؟،
للمقارنة فقط ، خصصت الدول العربية مجتمعة للبحث العلمي ما يعادل 1,7 مليار دولار فقط (ثلاثة بالعشرة في المئة فقط من الناتج الاجمالي) مقابل 9,8 مليار شيكل خصصته اسرائيل لهذا الجانب (4,7% من الناتج الاجمالي) حسب احصائيات عام م2004 ، وجاء في دراسة دولية ان معدلات ما تنفقه اسرائيل - مثلا - على البحوث داخل الجامعات يعد اعلى نسبة في العالم (30,6) من الناتج القومي ، فيما يصرف القطاع الخاص هناك ما نسبته %52 من الانفاق العام على البحوث والتطوير ، ولهذا احتلت اسرائيل المركز الثالث - بعد وادي السيلكون في كاليفورنيا وبوسطن - في صناعة التكنولوجيا،
قبل اعوام وصف تقرير التنمية البشرية العربية البحث العلمي في العالم العربي بأنه مفسد لانه يعتني بالكم لا بالنوع ، وبالتالي لا يستفاد منه في خدمة المجتمع وتنميته ، كما ان عملية تقويمه من قبل المحكمين تتصف بالمزاجية والشخصية ، دعك ايضا من نوعية الابحاث التي تقدم ، ومن الجائر ان يطلق عليها اسم ابحاث لانها لا تتجاوز توثيق المعلومات وجمعها ، ومن الطريف - كما يقول احد الاساتذة - ان بعضهم يقدمون ابحاثا باللغة الانجليزية وهم لا يعرفون ابسط قواعدها ومفرداتها ، فيما لا يتورع اخرون عن سرقة ابحاث منشورة ما دام ان الهدف هو الترقية والترفيع.. كما ان النشر يمكن ان يكون مدفوعا ايضا.
لا ادري ، بالطبع ، اين تذهب الاموال التي تخصص للبحث العلمي في جامعاتنا او تلك التي تلتزم الشركات باقتطاعها - عنوة - لهذا الجانب ، كما لا اعرف - بالضبط - كيف يمكن لاي استاذ ان يصل الى رتبة برفسور وهو لم يساهم في تقديم اي اضافة علمية حقيقية ، او اي تغيير في مجتمعه ، ولا انهم - ايضا - كيف نسهب في الحديث عن التطوير والتنمية والتحديث وصناعة الاستراتيجيات في معزل عن البحث العلمي الذي يشكل القاعدة الاساسية لصناعة المعلومات والافكار..
باختصار ، مجتمعاتنا في ازمة ، وعقولنا في مأزق كبير ، وخططنا التنموية مجرد خطابات انشائية ، وجامعاتنا تحولت الى مدارس كبيرة للتلقين والتوظيف ، والسبب وراء ذلك هو غياب البحث العلمي الذي يعني غياب التفكير والابداع والغاء العقل عن العمل.. والاسترخاء في حمى الوظيفة الاكاديمية.. والعودة الى السلف لجمع ما ابدعوه والتعليق عليهم وتحقيق منجزهم ، باعتبار ان ذلك قمة البحث العلمي.. وهو بحث في المقابر.. ولا ينشر - للاسف - الا في مجلات ان شئت مقابر لا يقرأها احد،،
(الدستور)
من حقنا ان نتساءل: هل لدينا استراتيجيات واضحة للبحث العلمي ، وهل لدينا صناديق مخصصة لتمويله ، وهل لدينا صناعة معلومات وحرية كافية ومؤسسات للتنسيق بين المراكز البحثية ، من يمول البحث العلمي ، وما هي نسبة المخصصات التي تنفق عليه وكما تعادل بالنسبة للناتج القومي الاجمالي ، وهل تتوجه البحوث التي تقدم لخدمة المجتمع ، ام انها معزولة تماما عن قضاياه وهمومه ، وماذا عن المشكلات الادارية والفساد المالي وتدني اجور الباحثين ، وهجرة العقول الى الخارج..؟
ثم ماذا عن مشاركة القطاع الخاص في تمويل الانشطة العلمية.. وما علاقة استقلالية الجامعات بازمة البحث والتطوير؟،
للمقارنة فقط ، خصصت الدول العربية مجتمعة للبحث العلمي ما يعادل 1,7 مليار دولار فقط (ثلاثة بالعشرة في المئة فقط من الناتج الاجمالي) مقابل 9,8 مليار شيكل خصصته اسرائيل لهذا الجانب (4,7% من الناتج الاجمالي) حسب احصائيات عام م2004 ، وجاء في دراسة دولية ان معدلات ما تنفقه اسرائيل - مثلا - على البحوث داخل الجامعات يعد اعلى نسبة في العالم (30,6) من الناتج القومي ، فيما يصرف القطاع الخاص هناك ما نسبته %52 من الانفاق العام على البحوث والتطوير ، ولهذا احتلت اسرائيل المركز الثالث - بعد وادي السيلكون في كاليفورنيا وبوسطن - في صناعة التكنولوجيا،
قبل اعوام وصف تقرير التنمية البشرية العربية البحث العلمي في العالم العربي بأنه مفسد لانه يعتني بالكم لا بالنوع ، وبالتالي لا يستفاد منه في خدمة المجتمع وتنميته ، كما ان عملية تقويمه من قبل المحكمين تتصف بالمزاجية والشخصية ، دعك ايضا من نوعية الابحاث التي تقدم ، ومن الجائر ان يطلق عليها اسم ابحاث لانها لا تتجاوز توثيق المعلومات وجمعها ، ومن الطريف - كما يقول احد الاساتذة - ان بعضهم يقدمون ابحاثا باللغة الانجليزية وهم لا يعرفون ابسط قواعدها ومفرداتها ، فيما لا يتورع اخرون عن سرقة ابحاث منشورة ما دام ان الهدف هو الترقية والترفيع.. كما ان النشر يمكن ان يكون مدفوعا ايضا.
لا ادري ، بالطبع ، اين تذهب الاموال التي تخصص للبحث العلمي في جامعاتنا او تلك التي تلتزم الشركات باقتطاعها - عنوة - لهذا الجانب ، كما لا اعرف - بالضبط - كيف يمكن لاي استاذ ان يصل الى رتبة برفسور وهو لم يساهم في تقديم اي اضافة علمية حقيقية ، او اي تغيير في مجتمعه ، ولا انهم - ايضا - كيف نسهب في الحديث عن التطوير والتنمية والتحديث وصناعة الاستراتيجيات في معزل عن البحث العلمي الذي يشكل القاعدة الاساسية لصناعة المعلومات والافكار..
باختصار ، مجتمعاتنا في ازمة ، وعقولنا في مأزق كبير ، وخططنا التنموية مجرد خطابات انشائية ، وجامعاتنا تحولت الى مدارس كبيرة للتلقين والتوظيف ، والسبب وراء ذلك هو غياب البحث العلمي الذي يعني غياب التفكير والابداع والغاء العقل عن العمل.. والاسترخاء في حمى الوظيفة الاكاديمية.. والعودة الى السلف لجمع ما ابدعوه والتعليق عليهم وتحقيق منجزهم ، باعتبار ان ذلك قمة البحث العلمي.. وهو بحث في المقابر.. ولا ينشر - للاسف - الا في مجلات ان شئت مقابر لا يقرأها احد،،
(الدستور)