jo24_banner
jo24_banner

شيطنة الإخوان.. وواجب النقد الذاتي المستمر

د. محمد حسان الذنيبات
جو 24 : في نظري أن الضرر الأكبر لشيطنة "الإخوان المسلمين" ليس فض الناس من حولهم أو دفع الغالبية نحو التشكيك بمواقفهم أو رفض مشروعهم الإصلاحي ... ولكن الضرر الأكبر يكمن في تشكيل حالة من التصلب الداخلي حول الواقع تتضخم معها العقلية القائمة على الدفاع المستميت والتبرير اللغوي وهذا كله يسهم في كبح جماح الرؤى التجديدية في العمل اللامركزي بعد أن تصيب روادها بالإحباط والشعور بالضعف والخوف من التخوين, والمعروف أن التمسك بالوسائل و المقولات التي نجحت في تحقيق أهدافها في مرحلة ما أشد خطرا على الحركة الإسلامية من تلك التي فشلت و أجمع الكل على تركها و البحث عن وسائل بديلة لها !, ولذلك لا معنى للتغني بانجازات الحركة الإسلامية كرد وافي على تلك الشيطنة, فالأصيل في تربيتنا أن من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه و قد تعلمنا دائما خلال تراثنا الحركي و الفقهي أن نرد على من ينقدنا بإصلاح أنفسنا !!
ولذلك المطلوب منا كطلائع للتجديد داخل الحركة الإسلامية و كمعابر لسريان الروح الإسلامية في جسد مجتمعاتنا وأوطاننا وكأبناء بررة -إن شاء الله- لمشروع النهضة و مشروع الاستاذية الحضارية الذي آمنا به و نبشر به العالم في كل حين, أن لا نخشى أن يشترك في خطابنا الناقد أولئك الآفاكون الكذابون الذين يحاولون شيطنة الحركة الإسلامية أملا في فض الشباب عن فكرتها و مشروعها, نحتاج أن نتجاوز العقد النفسية التي تطاردنا في شأن الإنتماء و الولاء و الوفاء, فواجبنا أن نمتلك الطاقة النفسية الكبيرة والعزيمة على التجديد واشعال جذوة العمل المتواصل التي تجعلنا نخرج من إسار التنظيم الذي حاول المستبدون و الفاسدون في السلطة على مدى عقود التضييق والسجون و الملاحقات حصرنا فيه و عزلنا من خلاله عن مجتمعاتنا حتى لا نمدهم بأسباب الحياة والنهضة والتحرر التي تربينا على أدبياتها و ننحاز لها في كل حين, إن سنين الإقصاء والمطاردة والعصا و الجزرة التي شكلت ثقافتنا السابقة و صاغت اطارنا الفكري المغلق نسبيا لن تمكنا من الثبات على منصة الإنطلاق نحو مشروع العودة بالأمة خصوصا والمحاولات في اغراقنا بتفاصيل الصراع اليومي مستمرة !!
ليس علينا أن نتكتم على الأخطاء و نتعامل معها بمنهج لملمة الفضيحة,
فالمعضلة التي يراها البعض خطاً أحمرا تعامل معها القرآن بكل أريحية حينما تحدث عن الظواهر الخطيرة داخل الصف المؤمن وعلى رأسها النفاق ولا أظن أن مجتمعاً يمكن أن تصيبه آفة أخطر من هذه الآفة , صحيح أن النبي تكتم عن الأسماء ولم يفصح عنها إلا لأمين سره حذيفة بن اليمان حتى لا يمت سرهم بموت النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لم ينكر الظاهرة وأنّا له أن ينكرها وقد تحدث عنها القرآن, ليس هذا وحسب وإنما نزل القرآن لا ليتحدث عن السلوكات وحسب وإنما حتى عن بواطن النفس "علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم", "وفي حنين إذ أعجبتكم كثرتكم" ونزل معاتبا حتى لنبيه في أمور أجتهد فيها النبي بلا وحي كحادثة أسرى بدر, و حرصه على دعوة كبراء قريش وتوليته عن ضعفائهم مثل "عبس وتولى" أخبروني ألم ينزل الله تعالى عشر آيات ليبرأ اليهودي الذي أتهم بالسرقة و لتحدد السارق الحقيقي وهو فرد من جماعة المسلمين الأمر الذي لم يخجل منه النبي صلى الله عليه وسلم –حاشاه أن يخجل من القرآن-
أيها الإخوة أننا نحمل مشروعا حضاريا له قيم ومبادئ ننافح عنها فإذا قصرنا أو قصرت هيئاتنا في نصرة هذه المبادئ, فهل علينا أن نقدم شخوصنا ومشاريعنا الخاصة على هذه المبادئ, بالله عليكم أخبروني كم هي قيمة الكتاب الذي أشرف عليه الأمام حسن الهضيبي –رحمه الله- "دعاة لا قضاة" وهو في السجن حينما رأى بوادر شر مستطير يتربص بفكر الشباب من توجهات تكفيرية لم يستطع أن يراها وينكر وجودها, لكنه رفع صوته عالياً مؤثراً مصلحة المبدأ الخالد وهو الإسلام الوسطي الشامل الذي يؤمن بإصلاح المجتمعات على مصلحة المؤسسة و التنظيم اللحظية, وكذلك كتاب عالم المسلمين في الهند أبو الحسن الندوي حينما كتب "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" ولم يقل انحطاط الإسلام – والعياذ بالله- ليعلم أبناء الإسلام أنهم الأمل الذي ينتظره العالم أجمع إذا عادوا للمنبع الذي ارتوى منه أسلافهم و كذلك المرافعات الفكرية الناضجة لـ مالك بن نبي" حينما نقد الأفكار المنتشرة في بلادنا و معوقات النهضة العربية و فكرة قابلية الاستعمار, كان ناقداً عظيماً وهو يشعل في نفس المسلم شعور القدرة للعودة متصدراً للواجهة الحضارية إذا تجاوز مثل هذه الوعكات ..
ولذلك أمام شيطنة الكارهين وشماتتهم و جلد المحبين وقسوتهم نرفع لواء النقد الذاتي الذي يبحث عن مسار للخروج و لا يكتفي برثاء الانسداد و فوات الأوان !!
تابعو الأردن 24 على google news