2024-12-25 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

افهمــوه اولا ثــم حاسبـوه..!!

حسين الرواشدة
جو 24 :
داعش ليست فقط التنظيم الارهابي الذي يتزعمه البغدادي , وليست فكرة "الخلافة " التي جردت سيوفها لتقتل الناس باسم الله تعالى , انها تمتد اكثر لتشمل كل الذين يحرقون قلوبنا بسموم الكراهية والعنصرية , والذين يقتلون شبابنا بالمخدرات ، او يسرقون اعمارنا بالاستبداد، او يغتصبون اموالنا بالفساد ، او يستهزئون بديننا وقيمنا تحت شعار العلمانية المتطرفة.

 هذا بالضبط ما كان يردده الدكتور امجد قورشة , لكن الذين لم يفهموه , وربما الاخرين الذين حرضوا عليه , ارادوا ان يحشروه في زاوية " داعش " لسببين : الاول ان اقصر طريق لنفي الاخر واخراجه من الملة " الوطنية " واتهامه بالترويج للتطرف والارهاب هو وضعه على قائمة " داعش " , لقد عايشت هذه التجربة شخصيا حين تفاجأت بمن وضع اسمي في قائمة " الممولين " لداعش , واكشتفت ان الذين فعلوا ذلك جمعوا بين الكراهية والغباء , لان كل الذين وردت اسماؤهم في القائمة محسوبون على خط الاعتدال والتنوير , ولان المقصود هو محاصرة الاعتدال وملاحقته واغتيال اصحابة لافساح المجال للتطرف الذي يتناسب مع طموحاتهم واجنداتهم , ليس التي تتعلق فقط بمحاولاتهم " للاستئثار " بالكعكة وانما لتشويه الدين وطرده من المجال العام .

 اما السبب الثاني فهو ان هؤلاء "المفترون " كما يصفهم فهمي هويدي في احد مؤلفاته لا علاقة لهم بالحرية والديموقراطية التي لطالما ظلوا يرددونها على مسامعنا , وبالتالي فان لديهم القدرة على " ابداع " ما لا يمكن ان يتصوره احد من صور الافتراء والتشويه لالحاقها بمن يختلف معهم , ليس فقط لان " المختلف " يشكل لهم كابوسا مزعجا وانما لانهم لا يمتلكون قاعدة شعبية تمكنهم من منافسته , ولا " فكرة " جاذبة ومقنعة للمجتمع الذين يتحثون باسمه , ونتيجة هذا " الافلاس "معروفة بالطبع , لكن اسوأ ما فيها ان تتحول الى افلاس اخلاقي لا يقيم وزنا ولا اعتبارا لقيم الخصومة ولا " لشرف " الاختلاف ولا لفضيلة الانصاف ايضا .

 لا يحتاج الدكتور قورشة لمن يدافع عنه , لان اخر ما كان يخطر على باله ان يجد نفسه متهما بالتطرف او محسوبا على داعش , لكن اعتقد ان من واجبي وقد عرفته عن قرب منذ سنوات طويلة ان اقول بصراحة : انه كان رجلا وطنيا , ربما كان جريئا اكثر من اللازم , او متسرعا احيانا , او صريحا اكثر من غيره , وربما نختلف معه في بعض المواقف , لكنه كان مستنيرا ومعتدلا وحريصا على الاردن ومحبا له , وهذه تكفي لفهم شخصيته في سياق " وطني " يتناسب مع قيم الدولة الاردنية التي قامت على احترام الاختلاف والتنوع , والانتصار لمبادئ الحرية والعدالة , لا على اساس قيم( الوافدين الجدد) الذين يريدون ان ينزعوا عن الدولة شرعيتها الدينية ويلحقوها بالعلمانية " المتوحشة " التي تصب الزيت على نيران داعش , حتى لو كانت النتيجة تقويض امن المجتمع , ودفع شبابنا المتحمسين الى احضان التطرف .

 لقد انتقدت مرارا المتطرفين المحسوبين على "خط الدين” , ودعوت الى محاصرة افكارهم بردود مقنعة , ولكنني في المقابل لا اتردد في انتقاد المتطرفين المحسوبين على " خط اليسار العلماني” , فهؤلاء ايضا يشكلون خطرا على تماسك مجتمعنا واستقراره , ويساهمون في تعكير حالة المزاج المعتدل التي تميز بها الناس في بلدنا , واذا كنا جادين فعلا في مواجهة التطرف , لا بملاحقة المتطرفين فقط , فان افضل ما يمكن ان نفعله هو وضع معايير دقيقة لتصنيف المتطرفين , مهما كانت انتمائاتهم الفكرية او السياسية , ومحاسبتهم على انحرافهم وفق موازين عادلة , بحيث يقتنع الجميع ان التطرف لا ملة له , وان " الدعشنة " لا تتعلق بمن يروجون للتطرف باسم الله فقط , وهو تعالى بريء منهم , وانما بمن يحرضون على التطرف باسماء العلمانية المغشوشة التي لا علاقة لها بالحرية والديموقراطية ولا بالحياد " الديني” , بقدر مالها علاقة بمعاداة الدين والانتقام من قيم المجتمع . بقي لدي ملاحظة اخيرة وهي ان الرد على الافكار المتطرفة , مهما كان مصدرها , يجب ان يقوم على منطق الحوار والاستيعاب , لا الادانة والمحاكمة , كما ان الاستثمار في مجال هذه الردود يجب ان ينسجم مع الخطر الحقيقي الذي يهدد بلدنا , واقصد هنا " التطرف الحقيقي " , لا المحرض عليه او " المتخيل " , لا اريد ان افصل هنا اكثر ، و ولكن اخشى ما اخشاه ان تمد لنا داعش لسانها , لاننا وقعنا في( فخ) الذين ابتهجوا بها على طريقتهم , وامتطوا حصانها لتصفية حساباتهم مع خصومهم , وعندئذ نخسر مراكبنا التي راهنا عليها في التصدي للتطرف والارهاب . 
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير