الأميركيون يتوجهون إلى مراكز الاقتراع في انتخابات رئاسية وتشريعية حاسمة
واشنطن– ديما الكردي- يتوجه الناخبون الأميركيون اليوم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد أو للتجديد الرئيس باراك أوباما لولاية رئاسية ثانية من أربع سنوات. كما يجدد الأميركيون اليوم مجلس نوابهم الذي يتألف من 538 عضوا، وثلث مجلس شيوخهم الذي يتألف من 100 عضو بانتخاب 33 "سناتورا " جديدا.
وعلى الرغم من تقارب فرص المرشحين الرئاسيين الديمقراطي "باراك أوباما" والجمهوري "ميت رومني" في الفوز بالبيت الأبيض وفقا لآخر استطلاعات الرأي، إلا أن العديد من المراقبين يعتقدون بأن الرئيس "باراك أوباما" هو الأقرب إلى الفوز في هذه الانتخابات التي تعتمد على أصوات "المجمع الانتخابي" أكثر منها على أصوات "العامة" Public Vote محل الاستطلاعات، فالنظام الانتخابي الرئاسي الأميركي يعطي صلاحية انتخاب الرئيس لمجموعة من كبار الناخبين تسمى اصطلاحا "بالمجمع الانتخابي" Electoral Collage يساوي عددهم عدد أعضاء مجلس النواب أي 538 ناخبا كبيرا، وحتى يفوز المرشح الرئاسي بالمنصب عليه الحصول على 50% من أصوات المجمع الانتخابي وصوت واحد أي 270 صوتا من أصل 538. ووفقا للخارطة الانتخابية Electoral Map قبل ساعات قليلة من فتح مراكز الاقتراع يضمن الرئيس "باراك أوباما" الآن 186 صوتا ويميل لصالحه 57 صوتا بمجموع يصل إلى 243 صوتا من أصل 270، في حين يضمن منافسه "ميت رومني" 170 صوتا ويميل لصالحه 36 بمجموع يصل إلى 206 أصوات من أصل 270 لتبقى للخصمين 89 صوتا يتنافس كل منهما على الفوز بها، أو على الأقل بجزء منها للوصول إلى "الرقم السحري" 270 الذي تحسم عنده نتيجة الانتخابات.
ويحصل المرشح على أصوات كبار ناخبي كل ولاية بفوزه بأغلبية أصوات العامة في الولاية ذاتها، فاذا فاز المرشح بالأغلبية البسيطة في الولاية أي 50% زائد واحد فانه يضمن بذلك أصوات كبار ناخبيها الأعضاء في المجمع الانتخابي.
وتختلف الولايات في عدد ممثليها في المجمع الانتخابي تبعا لعدد سكانها، ففي الوقت الذي يمثل فيه ولاية "كاليفورنيا" على الساحل الغربي للولايات المتحدة 55 ناخبا كبيرا، تتمثل ولايات صغيرة مثل "ديلاوير" على الساحل الشرقي بثلاثة ناخبين فقط الأمر الذي يفسر تركيز المرشحين لحملاتهم الانتخابية في الولايات ذات الكثافة السكانية العالية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار التركيبة الديموغرافية للولايات المتحدة نرى أن هناك ولايات محسومة تماما للمرشح الجمهوري للرئاسة مثل ولاية "تكساس" التي يبلغ عدد ممثليها في المجمع الانتخابي 38 ناخبا كبيرا، في حين تصوت ولاية "كاليفورنيا" الأكثر تمثيلا بشكل مستمر للمرشح الديمقراطي لينحصر الصراع بين المتنافسين في ما بات يعرف باسم "الولايات المتأرجحة" Swinging Statesالتي لا تشهد نمطا ثابتا في التصويت لأي من المرشحين مثل ولايات "فلوريدا" التي يمثلها 29 ناخبا كبيرا، و"بنسلفانيا" - 20 صوتا، - و"أوهايو" – 18، وغيرها، وبالتالي فان المرشحين المتنافسين يعولان على الظفر بهذه الولايات للفوز بالرئاسة، الأمر الذي يفسر تركيز حملاتهما الانتخابية فيها حتى اليوم الأخير قبل الاقتراع.
أما إذا تحقق احتمال ضعيف وهو تساوي المرشحين الرئاسيين في عدد أصوات المجمع الانتخابي فيعطي الدستور الأميركي مجلس النواب المنتخب صلاحية حسم النتيجة بالتصويت المباشر لأحد الخصمين، في حين أناط الدستور بمجلس الشيوخ اختيار نائب الرئيس.
ويبلغ عدد الناخبين الأميركين 147 مليون ناخب من أصل 310 ملايين مواطن أدلى 30 مليونا منهم بأصواتهم بالفعل فيما يسمى "بالتصويت المبكر" Early Votingالذي يترك لكل ولاية تحديد القوانين التي تنظم سيره. ويعول الرئيس "باراك أوباما" على أصوات سكان المدن، والأقليات من أصول افريقية ولاتينية، والشباب، والنساء للفوز بالانتخابات، في حين يعول خصمه "ميت رومني" على أصوات البيض، ومنسوبي المؤسسات العسكرية والأمنية والمتعاقدين معها، وأصحاب المصالح التجارية ورجال الأعمال، وسكان المناطق النائية البعيدة عن مراكز المدن للفوز بالبيت الأبيض. أما العرب الذين يصوتون تقليديا للحزب الجمهوري باعتباره أكثر محافظة على الأخلاق والقيم الدينية فمن المتوقع أن تصوت غالبيتهم لصالح الرئيس باراك أوباما الديمقراطي كما فعلت في انتخابات عام 2008 بسبب قناعتهم بقرب أوباما "كشخص" من قضاياهم وقضايا العالمين العربي والإسلامي، في حين تصوت غالبية اليهود تقليديا لمرشح الحزب الديمقراطي ولا يتوقع أن تشذ عن هذه القاعدة في انتخابات اليوم على الرغم من تدهور العلاقات بين "أوباما" ورئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو".
وتعد القضايا المحلية العامل الرئيس الذي يحدد الناخب الأميركي خياراته بناء عليه مثل قضايا البطالة، والرعاية الصحية، والسياسة الضريبية، ومسألة الاجهاض، واقتناء السلاح، ويحدد تباين آراء المرشحين حيال هذه المسائل طريقة تصويت الناخب الأميركي وفقا لقناعاته الدينية والشخصية، وحاجاته الاقتصادية والاجتماعية. أما السياسة الخارجية فلا تشكل عاملا ذا قيمة في تحديد خيارات الناخب الأميركي اللهم إلا إذا كانت البلاد في حالة حرب أو على شفير الدخول فيها، وفي هذه الحالة يحقق الجمهوريون نتائج طيبة لما عرف عنهم من تشدد حيال مسائل الأمن القومي.
أما فيما يتعلق بانتخابات الكونغرس فيتوقع المراقبون أن يحافظ الجمهوريون على أغلبيتهم في مجلس النواب The House of Representatives ، وأن يحتفظ الديمقراطيون بأغلبيتهم في مجلس الشيوخ The Senate ليبقى الكونغرس بشقيه منقسما بين الحزبين، الأمر الذي ينذر باستمرار حالة الشلل السياسي والتشريعي التي هيمنت على المشهد السياسي الداخلي الأميركي خلال العامين السابقين، وأربكت أداء الإدارة الأميركية حيال قضايا الربيع العربي، وملف إيران النووي، وغيرها من قضايا العالم التي تشغل بال ساكن البيت الأبيض وتقض مضجعه رغم فراشه الوثير وأسباب الراحة التي يزخر بها القصر الرئاسي.