2024-12-25 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

أهلا بالصناديق حتى لو خرج منها الانفصال..!!

حسين الرواشدة
جو 24 :
هل اخطأ نصف البريطانيين حينما صوتوا " بنعم " على اقتراح الانفصال من الاتحاد الاوروبي ؟، هل انحازوا فعلا للانفصال لانهم لا يعرفون مصلحة الدولة البريطانية ولا يهمهم ايضا مصلحة الاتحاد الاوروبي الذي انضموا اليه لنحو نصف قرن ؟.
سأوافق – بالطبع – على كل القراءات والتحليلات التي رأت ان هذا الطلاق البريطاني سيشكل " انعطافة " تاريخية بالنسبة لبريطانيا وللاتحاد الاوروبي وللعالم ايضا، وانه يصب في عكس التوازنات الدولية ويضر بالاقتصاد وبالسياسة البريطاينة والاوروبية وربما الروسية لحساب مصلحة امريكا اولا، وبعض الدول التي تتنافس على مقاعد الكبار كالصين .
سأوافق ايضا على ان عالمنا العربي سيخسر جراء هذا الانفصال ( وهل كان يربح اصلا؟ ) وانه سيندفع اكثر نحو احضان واشنطن، اذا لم ينجح في بناء شراكة حقيقية مع اوروبا التي تتعرض لزلزال الانفصال من اكثر من اتجاه، سأوافق ثالثا على ان فكرة الانفصال تبدو مكروهة لان الاصل هو الوحدة والتماسك والتعاون، وان ما فعلته بريطانيا العظمى في العالم من تفكيك ارتد عليها، سأوافق – رابعا – على ان خروج بريطانيا من الاتحاد مع اوروبا يعني فشل فكرة هذا الاتحاد الذي تشكل على اساس الاقتصاد ولم ينجح في بناء وحدة سياسية او هوية جامعة، كما يعني ان اوروبا حتى في ظل الاتحاد ظلت تدور في فلك امريكا ولم تستطع ان "تنفطم” عنها .
حين نطالع ايضا جدول حسابات الخسارة، سواء لبريطانيا او لاوروبا سياسيا واقتصاديا وعسكريا ( الارقام متاحة لمن يريد ان يعرف ) وحين نتابع الردود التي جاءت من اوروبا ومن داخل بريطانيا ضد هذا الانفصال، لدرجة ان البعض اعتبروه " يوما اسود " في تاريخ اوروبا، سنجد اننا امام كارثة، لكن يبقى السؤال الذي يحيرنا قائما وهو : لماذا اختار البريطانيون بارادتهم الحرة ذلك ؟، هل وقعوا، كما نفكر في بلداننا العربية، في " فخ " المؤامرة الكونية، هل دفعهم الجهل الى اطلاق النار على اقدامهم، هل يعرف العالم مصلحتهم اكثر منهم ؟.
يضع دعاة الانفصال في بريطانيا نحو 8 اسباب دفعتهم لتسويق الفكرة في اطار ( بريطانيا افضل خارج الاتحاد ) وهي التخلص من ملف اللاجئين الذين يشكلون عبئا اقتصاديا، حيث يبلغ عددهم نحو مليون لاجئ يستنزفون ( 4 مليارات جنيه سنويا ) من الخزينة، ثم الخوف من الارهاب الذي يمكن ان ينتقل الى بلادهم، ثم التحرر من القوانين التي يفرضها الاتحاد لمصلحة ترسيخ القوانين الوطنية، ثم تحقيق توفيرات مالية لقطاعي الصحة والتعليم بدل انفاقها على اللاجئين، ثم فتح الطريق امام تجارة حرة مع العالم دون الخضوع لقوانين الاتحاد، واخيرا التخلص من استحقاقات انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي .
تبدو الاسباب وجيهة من جهة، ولكنها تبقى مجرد مادة دعائية لتسويق فكرة الانفصال، ولا يعدم البريطانيون الذين رفضوا الاقتراح ( منهم رئيس الوزراء كاميرون الذي استقال بعد التصويت ) من الرد بحجج ( اخرى ) تدحض هذه التوقعات، لكن الاهم من صوابية الفكرة او خطئها، ان الصناديق قالت كلمتها، فحسم الامر دون اي اعتراض .
اذا سألتني كيف حدث ذلك ..؟ ساجيبك باختصار : انها الحرية، هذه التي انتصر لها البريطانيون وانتصروا لها بعيدا عن حسابات الربح والخسارة التي نفكر بها نحن، سأضيف ايضا : ان قيمة الحرية والديموقراطية التي وصلتنا رسالئلها من بريطانيا التي انحازت للانفصال عن اوروبا، والتي يمكن ان تتعرض للتقسيم من الداخل، هي افضل من كل " اوهام” الوحدة الذي تفرض بالاكراه، او تعزز بسطوة القهر والاستعباد .
في ظل الحرية والديموقراطية، حتى حين يكون الانفصال المكروه هو الحل، وحتى حين تقول الشعوب كلمتها بعكس اتجاه التاريخ وربما يعكس المستقبل الذي نتوقعه ولا نعرفه بالضبط، فان احدنا لا يملك الا ان ينظر الى ذاته في المرآة، اعني الانسان العربي، لكي يحدق في واقعه ومصيره، ويسأل نفسه سؤالا واحدا : ماذا حدث لنا في غياب الحرية والديموقراطية مع وجود وهم الوحدة سوى المزيد من الحروب والصراعات والكراهية .
اهلا باي حل يؤسس لزوال القهر والاستعباد والموت حتى لو جاء في صناديق الانفصال، وحتى لو كانت خسارتنا اكثر من خسارة البريطانيين الذين انتصروا لحريتهم على حساب اي شيء اخر .(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير