انهيار الاتحاد الأوروبي
فهد الفانك
جو 24 :
بعد انهيار المعسكر الشيوعي وتفتيت الاتحاد السوفييتي ، جاء دور الاتحاد الأوروبي المهدد بالانهيار بعد خروج بريطانيا وما يمكن أن تقتفي أثره من دول أخرى أعضاء في الاتحاد ، حيث ترفع أحزاب اليمين الصاعد ، المتطرف والمعتدل ، شعار الانفصال وتطالب بالاستقلال.
اقتصادية فنية بحتة كان يجب أن تتقرر بالحساب لتحديد ما إذا كانت المنافع تفوق التكاليف أم العكس. هذه المسألة كان يجب أن يبث بها باحثون متخصصون ، ولكنها للأسف تحولت إلى قضية شعبية تحكمها الشعارات والهتافات.
لا ينكر أحد العملية ديمقراطية ، فليس هناك سلطة أعلى من سلطة الشعب المباشرة عن طريق الاستفتاء ، ولكن النتيجة إبراز حقيقة أن الديمقراطية ، لا تخلو من العيوب ، وأن صناديق الاقتراع تفرز ملائكة وشياطين.
انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي ليس مجرد قرار يستغرق اتخاذه يوماً واحداً ، فهناك تداعيات يصعب التنبؤ بها فيما يتعلق بمصير بريطانيا كدولة اتحادية يمكن أن تتفكك بانفصال اسكتلندا وإيرلندا الشمالية وبقائهما في الاتحاد الأوروبي ، مما يترك انجلترا كدولة صغيرة على جزيرة معزولة تجتر التاريخ المجيد.
مما يسهل الانفصال أن بريطانيا ترتبط سياسياً بأميركا أكثر من ارتباطها بأوروبا ، وأنها ليسـت جغرافياً جزءاً من القارة الأوروبية ، فالبحار تفصلها عن القارة ، كما أن انضمامها إلى الاتحاد جاء متأخراً ، فهي ليست من الدول المؤسسة ، وقد احتفظت بعملتها الوطنية الجنية الاسترليني مما يسهل الانفصال كما حدث عند انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة ، حيث كان لها جيشها وعملتها وبنكها المركزي فضلاً عن الفاصل الجغرافي.
ديفيد كاميرون سوف يدخل التاريخ باعتباره أسوأ رئيس وزراء عرفته بريطانيا في تاريخها ، فقد فشل في صيانة وحدة الدولة ، وفشل في قيادة شعبه ، وحق له أن يستقيل ويذهب إلى زوايا النسيان لأنه يتحمل الجانب الأكبر من مسؤولية ما حدث.
إنفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي يمثل اتجاهاً عالمياً جديداً ، أي نكسة للعولمة ولاعتبار العالم في الطريق لأن يصبح قرية واحدة ، والسماح بعبور الحدود من قبل الأشخاص والسلع والأموال والمعلومات ، فالعالم يعود الآن إلى الكيانات القومية.
وإذا كانت الكيانات القومية قد مزقت الاتحاد السوفييتي ، وفي طريقها لأن تمزق الاتحاد الأوروبي ، فالمرجو أن تكون أداة توحيد للامة العربية لتعيش في كيان واحد ، فهل يكون الانفصال العالمي مؤشراً على الاتحاد العربي؟
(الرأي)