حيث تختل موازين العدالة..
حسين الرواشدة
جو 24 : لو كان يمكن اختزال الاسلام في كلمة واحدة لكانت الكلمة هي العدل ، والعدل - هنا - ليس مجرد احكام تصدر ، او تقاضْ يتم ، او حدود تقام ، وانما نظام عام شامل ، يتعلق بالانسان في كل حركاته وسكناته ، وبالكون والحياة والآخرة ايضا ، وهذا ما يميز العدل في الاسلام عن غيره من المنظومات البشرية الاخرى ، وما يجعله صنو الاسلام فعلا.. اذ لا يمكن لاحد ان يتصور عظمة الاسلام وانسانيته وصلاحيته بكل زمان ومكان.. لو كان العدل مجرد جزء منه.. لا مستغرقا - كما هو الحال - في كل جزء فيه.. من عبادات ومعاملات وأحوال ، لدرجة ان غياب العدل يعني - تماما - غياب الاسلام.
في القرآن الكريم يتردد مفهوم العدل اكثر من ثلاثمئة مرة ، كما يتردد مفهوم رفض الظلم وثلاثمئة مرة ايضا ، ويتوافق العدل في احيان كثيرة من الحق ، فالاثنان اسمان من اسماء الله الحسنى ، ويقرر الخالق عز وجل ان هدف الانبياء والرسالات والكتب هو اقامة العدل ، وانه تعالى قائم بالقسط شهد الله انه لا إله الا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط ، وان لا شيء يتقدم على العدل حتى لو ضد النفس او الوالدين والاقربين يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين ، كما انه لا يجوز ممارسة الظلم ضد الآخرين حتى لو كانوا اعداء ولا يجر منكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى ، والعدل هنا مطلوب مع الذات في دائرتها الاولى ومع الاهل والجيران والمجتمع والآخر ، والانسان العادل لا مجرد الامام العادل هو الموضوع والمقصود ايضا.
في المرحلة الاول من الدعوة الاسلامية انصب الجهد على اقامة التوحيد كركيزة اولى من ركائز الاسلام ، ومع انشغال الصحابة بذلك الا ان العدل كركيزة ثانية للدين وجد اهتماما ايضا ، وما اكثرها صور العدل التي شهدها تاريخنا الاسلامي في بداياته ، لكن هذا الاهتمام انحسر فيما بعد ، خاصة على صعيد الفقه الاسلامي الذي افرد مساحات كبرى لتفاصيل العبادات ، وبعض المعاملات ولم يعط العدل كقيمة مثل هذا الاهتمام ، والاسباب - بالطبع - مفهومه ، وفي مقدمتها هيمنة السياسي وقلة الحيلة احيانا في الاشارة الى الظلم.. الخ ، لكن ذلك لم يمنع فقهاءنا الكبار من اعتبار العدل محور الشريعة وأساسها ، ومن اخراجه من اطار السياسة والامامة الى اطار الحياة الاوسع وربطه بالآخرة واعتماد موازين العدالة حكما على قوة الدول ومعيارا لسقوطها او نهوضها.
اليوم ، نحن بحاجة الى اعادة فهم موضوع العدل اجتماعيا كان او سياسيا او اقتصاديا ، والى اعادة صوره ومجالاته ونماذجه ، والى اقامة موازينه كشرط للنهضة او الصحوة التي نريدها.. فالمجتمعات التي تغيب عنها العدالة ويعمّ فيها الظلم.. محكوم عليها بالفشل مهما كانت قوية،وحين تختل موازين العدالة فعلينا ان نتصور بان كل شيء قبيح يمكن ان يحدث بلا مقدمات..وبلا استئذان
(الدستور)
في القرآن الكريم يتردد مفهوم العدل اكثر من ثلاثمئة مرة ، كما يتردد مفهوم رفض الظلم وثلاثمئة مرة ايضا ، ويتوافق العدل في احيان كثيرة من الحق ، فالاثنان اسمان من اسماء الله الحسنى ، ويقرر الخالق عز وجل ان هدف الانبياء والرسالات والكتب هو اقامة العدل ، وانه تعالى قائم بالقسط شهد الله انه لا إله الا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط ، وان لا شيء يتقدم على العدل حتى لو ضد النفس او الوالدين والاقربين يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم او الوالدين والاقربين ، كما انه لا يجوز ممارسة الظلم ضد الآخرين حتى لو كانوا اعداء ولا يجر منكم شنآن قوم على الا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى ، والعدل هنا مطلوب مع الذات في دائرتها الاولى ومع الاهل والجيران والمجتمع والآخر ، والانسان العادل لا مجرد الامام العادل هو الموضوع والمقصود ايضا.
في المرحلة الاول من الدعوة الاسلامية انصب الجهد على اقامة التوحيد كركيزة اولى من ركائز الاسلام ، ومع انشغال الصحابة بذلك الا ان العدل كركيزة ثانية للدين وجد اهتماما ايضا ، وما اكثرها صور العدل التي شهدها تاريخنا الاسلامي في بداياته ، لكن هذا الاهتمام انحسر فيما بعد ، خاصة على صعيد الفقه الاسلامي الذي افرد مساحات كبرى لتفاصيل العبادات ، وبعض المعاملات ولم يعط العدل كقيمة مثل هذا الاهتمام ، والاسباب - بالطبع - مفهومه ، وفي مقدمتها هيمنة السياسي وقلة الحيلة احيانا في الاشارة الى الظلم.. الخ ، لكن ذلك لم يمنع فقهاءنا الكبار من اعتبار العدل محور الشريعة وأساسها ، ومن اخراجه من اطار السياسة والامامة الى اطار الحياة الاوسع وربطه بالآخرة واعتماد موازين العدالة حكما على قوة الدول ومعيارا لسقوطها او نهوضها.
اليوم ، نحن بحاجة الى اعادة فهم موضوع العدل اجتماعيا كان او سياسيا او اقتصاديا ، والى اعادة صوره ومجالاته ونماذجه ، والى اقامة موازينه كشرط للنهضة او الصحوة التي نريدها.. فالمجتمعات التي تغيب عنها العدالة ويعمّ فيها الظلم.. محكوم عليها بالفشل مهما كانت قوية،وحين تختل موازين العدالة فعلينا ان نتصور بان كل شيء قبيح يمكن ان يحدث بلا مقدمات..وبلا استئذان
(الدستور)