jo24_banner
jo24_banner

زمن خالد..

أحمد حسن الزعبي
جو 24 : في الثمانينات كان للحياة طعم مختلف..الأعراس تُوقد الليل أسبوعاً من الفرح، حبل المصابيح الذي يتدلي بين عمودي إنارة وسياج يتوهّج كطوق ذهب يزين عنق العتمة، الدبّيكة يحضرون من غير دعوة ويصطفون بحماس ومحبّة، «دقّيق الشبّابة» الذي يراقص الدوالي وينظم أقدام المحتفلين على أنغامه..الأمهات الفتيّات الخاليات من الأدوية المزمنة ينثرن على رأس الحياة حفنة زغاريد..والقلوب العامرة بالبساطة والرضا كانت تخشاها الشبكات والجلطات وضعف العضلة..

في الثمانينات كانت»العجايز» يشجعن الرياضة أيضا، تغسل الأم «الشورت والفانيلا» على يديها في «لقن الغسيل» وتدعو لولدها أو حفيدها أن يتألق في الملعب، كانت تساهم ما استطاعت في صناعة الحياة، لا تعرف قواعد كرة القدم لكنها تعرف قواعد السعادة والنجاح ..وعندما تسمع الأغاني والزوامير بدأت تتعالى أصواتها من أول البلد، تخرج إلى الشرفة، تحضر علبة التوفي وترمي الحلوى على رؤوس الشباب ابتهاجاً...

وفي الثمانينات لا تستطيع أن تذكر كل شيء جميل وتنسى «خالد الزعبي»، أسطورة الكرة، ونجم الرمثا الذهبي ، وابن البلد الطيب، خالد كان مثل الدبّّيكة -عشّاق الحياة - مثل عازف الشبّابة، والأم التي تزغرد لأي زفة عريس ؛ يلعب ليمتّع ، ويعزف بقدميه أشجى الحركات، لأنه يعشق الكرة، يعشق الرمثا، يعشق البيادر، ويعشق الأردن...لا يعرف ولا يعنيه «العقد الاحترافي» ولا الانتقال إلى نادٍ ثريّ ، هو يريد ان يسعد عشّاقه لا أكثر، يريد ان يرى فرحاً بعيون الأمهات الواقفات أمام البيوت في آخر مباراة في الدوري ينتظرن النتيجة ..خالد الزعبي لم ينقطع عن التدريب يوماً دلالاً أو ابتزازاً، ولا تكبّراً أو غروراً، كان يلعب لأنه يحب أن يلعب ..»سندويشة» فلافل تكفيه وزملاءه في إحراز البطولة، لا يصبون إلى راتب ولا إلى مكافأة، الراتب حب الجماهير..والمكافأة ان يبقى اسم البلد مرفوعاً..لذا عاش فقيراً ومات فقيراً..

رحل خالد الزعبي أسطورة الزمن الجميل..رحل وما زالت ابتسامته المميزة تعلو فاردة سيارات الــ»190» و»200 لف» وتنتشي بأهازيج الرماثنة وفرحهم بالدوري عام 81...رحل خالد الزعبي ملوّحاً بيديه كما كان يفعل بعد كل بطولة، ملوحاً للكؤوس التي حملها وتنتصب فوق خزانة الذاكرة ، ملوّحاً لكل محبيه و معجبيه وتلاميذه في الأردن والوطن العربي ، ملوّحاً لزمن لن يتكرر أبداً..
تابعو الأردن 24 على google news