jo24_banner
jo24_banner

الى متى ؟

جو 24 :

هذا المساء وَهمٌ، وأنا لم أراك طيلة هذا العام إطلاقا، ولم تتذمر لي عن أحوال البلاد السياسية المتدهورة وغلاء المعيشة الذي قَصّر الأعمار وبعثّر الأحلام ولم تشكُ لي من ويلات ظهور الفساد وقهر الرجال وغصّات في قلبك لم تستطع كتمانها .
لا، لم يحدث هذا قط ، لم تكن مكتئبا كعادتك على قوت المواطن الذي ضاع بين سنابك الفاسدين وفُسحة الأمل التي سرقها تجار غرباء ليسوا من الوطن ولم يسعفهم الوقت لِشم رائحة الأرض قبل بيعها، أجل ، رائحة الأرض التي عشقناها مبكراً ومرغّنا أنوفنا بعبيرها مراراً حتى غدت كحبل سُرّه يشدنا إليه كلما ابتعدنا.
لم نلتق مساءاً على قهوة كئيبة خارج إطار الزمان لندخن النارجيلة كشبحين فقدا بوصلة ما يحدث في الوطن، لا، و لم تقل لي ودمعة في عينيك: إلى متى؟
هما كلمتان فقط وعلامة تعجب، هذا كل ما في الأمر، هل هي صعبة إلى هذا الحد.
لا بل علامة استفهام ، فتنتفض من مجلسك بأنها : "تعجب واستفهام واستهبال ". وأنا لم أجيبك حينها : "إلى حيث يشاء ولاة الأمر؟"
وضحكت حينها أنت على المراوغة واعدت ذات السؤال : "برضه"...إلى متى ؟
حسنا سأجيبك إذا أسعفتني ذاكرتي التي لم تصادر بعد ولتُهد ىء من روعك قليلاً: "كان يا ما كان في قديم الزمان ، بحرٌ يحفه الأمان وتظلله طيور النورس" ....
وتضحك مجددا، إني اسمع قهقهتك التي تشبه البكاء: "بل قل، إلى أن يشاء الشعب." وليكن، لكن ليعيد السارقون الوطن إلى حالته البكر، ليرجعوا ما نهبوه برضاهم وسنغض الطرف عنهم، ولا تعجبك الفكرة وتزم فمك بان: "لا تحزن، سيحاسبهم الوطن “.
لكنني قلت أنني لم أراك وانت لم تكن مبعثرا من هبات النسيم في أوائل الربيع، ولم تتحدث عن ألم الوطن وعلى ما ضاع منه بل على ما سيضيع، ولم ترتشف كأس الشاي على نزق، ثم تتبعثر منك الكلمات مرة أخرى .
وكان يا ما كان ... أن سرق القراصنة ملوحة البحر وصادروا المدّ وتأمروا على الجَزرِ وأودعوا طيور النورس في السجون ...
هل حدث ذلك؟...أبداً، .ولم تتكدر أجوائنا بمارقين شربوا من بئرنا ثم رموا فيه حجرا ضخما ، فأنا لم أراك ولربما انك لم تراني أيضا لكنك ما زلت تسأل : إلى متى ؟

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير