شواهد على مقابرنا ..!
1 – متى نعترف بأننا سجنا القرآن في المقابر و الغرف المغلقة، وبأن علاقتنا مع الاسلام لا تقوم على "التفكر” والتعقل وانما على العاطفة فقط، وبأن نسخة "الدين” التي نتفاخر بها ونستهلكها "ونتنابز” بها حضارياً مع الآخر هي نسخة مغشوشة، حتى وان كنا نتبرك بها ونقدسها بين الحين والآخر.
2 – متى يتحرر المسلمون من التدين المغشوش الذي يفسد جوهر الدين ويسيء الى صورته ، متى يستقيم لدى المسلم ان "العدل” هو اسم من اسماء الله تعالى ، وان الرحمة هي عنوان عرشه "الرحمن على العرش استوى” وان الانسان عند الله اكرم وأقدس من بيته الحرام. .وان الدين أسمى من يأمرنا بقتل الابرياء ، من المسلمين أو من اخواننا الذين يعيشون بيننا وفي ذمتنا.. او حتى من قتل اي انسان لم يعتد علينا ابداً.
3 – ما الذي يمنع دوائر الخير في نفوسنا التي فطرت على البر والخير ان تتحرك ، لتضيء شمعة ، او لتغرس وردة وسط هذه الاشواك والاحساك؟ ما الذي يمنع اموالنا المكدسة ان تخرج من ظلام (ارصدتها) لتأخذ بيد يتيم او فقير ، ما الذي يمنع اساتذتنا وعلماءنا ان يترجلوا من فوق منابر الدرس والوعظ والسجال ليقدموا (نموذج) الفعل على الارض؟ على شكل مكتبة.. او مشروع لرعاية اليتامى ، او أي خير ينعش ارواحنا التي هرمت وجف من شرايينها الرحيق؟.
4 – مولانا – يحرضنا على (الجهاد) لكنه لا يفكر أن يسبقنا اليه، ولايسمح لاولاده أن يخرجوا حتى للشارع، مولانا يدعو على الظالمين والمفسدين ويسأل الله أن يحفظ ولاة أمر المسلمين، مولانا يذكرنا بأن الاسلام دين رحمة وبأن رسولنا هو المبعوث رحمة للعالمين ثم يختم دعاءه : اللهم عليك بأعداء الدين، مزّقهم كل ممزق يا رب العالمين.
خطبة واحدة تكفي لكي نعرف كيف تحول (الدين) في حياتنا الى مجرد دعاء لا يستجاب له، وخطاب يستفز الآخرين بدل أن يطمئنهم، وروايات نرددها لا تدخل الى قلوبنا، وآيات نحفظها دون أن تغير في سلوكنا…يامولانا : الدين آية وليس رواية، الدين مؤسسة وليس نظرية…الدين للعالمين وليس للمسلمين..الدين أخلاق وليس مجرد قوانين وأحكام وبيانات سياسية!!.
5 – لو احسنا اختيار الخطباء وتدريبهم ورعايتهم، واعدنا للمساجد "منزلتها” وغايتها، لاصبح مجتمعنا خاليا من كثير من الازمات والمشكلات، ووفرنا على اقتصادنا مليارات الدنانير.. وما عدنا بحاجة الى اكثر من "مركز امن” واحد في كل مدينة.
6 – لقد تديّنا منذ قرون، ولم نعدم وجود الاتقياء بيننا والمصلحين الصالحين، كما لم تعدم مجتمعنا سمة "الايمان” ووازع الخشية والخوف من الله تعالى، فلماذا لم تتحضر امتنا وبقيت – دون سواها من الامم – في آخر "القائمة” الحضارية.. لماذا ظلت "ضعيفة” مهزومة.. وعالة على غيرها رغم ان "ديننا” هو الباعث على التقدم والنهضة والحضارة.. هل المشكلة في "تديننا” أم في فهمنا للحضارة ام في توظيفنا للدين في اتجاهات لا علاقة للدين بها.. بقدر علاقتنا نحن البشر بترتيبها ومعرفة ما نحن ادرى به من غيرنا في شؤون الدنيا وقضاياها المتجددة؟.
7 -من يستطيع ان يقنع هؤلاء الشباب الذين انحازوا (للتطرف) بأن الاعتدال هو الحل و الصواب وهم مشدودون لصورتين : صورة أمة أصبحت (ملطشة) لكل من هب ودب، وصورة موجات استعمارية متتالية ودولة محتلة تعتز بإرهابها وتجد من يباركه ويدعمه، ومن يستطيع ان يقدم لهم (البديل) وهم يرون بأعينهم كيف تقدم غيرهم من الامم والشعوب وصنعوا مايلزمهم من ديمقراطيات وتجازوا صراعاتهم الدموية وتوافقوا على (كلمة سواء) وامتهم العربية الاسلامية ماتزال بين مطرقة السياسي باستبداده و قمعه وبين سندان (الديني) بجهله وعنفه وقلة حيلتة.