التصوير جريمة..!
معتز احمد بصبوص
جو 24 :
شهدت الفترة الماضية إنتشار ظاهرة تصوير ضحايا ومصابي الحوادث بالأجهزة الخلوية ونقل الحادث بكل تفاصيله المؤلمة بما فيها اللحظات الأخيرة في حياة الضحايا ونشرها على مواقع التواصل الإجتماعي بدلا من المساعدة في إنقاذهم والإتصال بالجهات المعنية أو على الأقل تسهيل مهمة وسائل الإنقاذ بالبعد عن موقع الحادث وتسهيل المرور إختصارآ للوقت الذي يؤثر في فرص نجاة المصابين.
فما إن يقع حادث إلا وتجد حرص العديد من الأشخاص على التصوير والبث المباشر عبر وسائل التواصل الإجتماعي الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تجمهر في مكان الحادث وإعاقة تقديم الإسعافات اللازمة للجرحى في مشهد غير حضاري لا يتفق مع قيمنا ومبادئ ديننا الحنيف الذي يحث على مساعدة الغير خاصة في الأزمات والمحن وكأن هؤلاء يستمتعون بتصوير معاناة الآخرين دون النظر إلى ما يتسببون فيه من أضرار جسيمة ومراعاة حرمة الموت.
هذا بالإضافة إلى الجوانب السلبية الأخرى لعملية النشر عندما يشاهد أهل الضحايا في موقع الحادث في صور صادمة ومؤلمة للغاية وما ينتج عن ذلك من خسائر إضافية أخرى.
حوادث السيارات بات يُنظر إليها كنوع من الترفيه وما عادت هناك رهبة من مناظر الإصابات المريعة التي تنتج عن حوادث السيارات بل أنه بات معتادآ لدينا عند وقوع حادث أن يتكالب البعض كالذباب حول الضحايا الذين عجنت أجسادهم بالمعدن لكي يلتقطوا لهم مقاطع ثم يقوموا بنشرها عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بما في ذلك صور النساء اللاتي تعرضن لإصابات بليغة وتكشفت حرمتهن فليس لدى هؤلاء غيرة النخوة لحفظ حرماتهن وليتصور أحد من هؤلاء أن أمه أو اخته أو زوجته أو والده أو هو نفسه تعرض لحادث وصوره الآخرون في تلك الحال الفظيعة الصادمة لكي يصبح مادة للترفيه بالتقزز والرعب وأخوه يصرخ ويترجاه أن لا يصوره وهو مقطع الأطراف وفي ذروة الفجيعة وأهله ممزقون حوله حتى صار أول هم للإنسان عند وقوع حادث هو طرد ذباب الحوادث الذين يتداعون كسرب من الذباب على الضحايا لكي ينتهكوا حرماتهم بالتصوير وفوق هذا الضرر المعنوي البالغ هناك ضرر مادي حيث مرارا وتكرارا حذرت الجهات المختصة من التجمهر حول الحوادث لأن هذا يعطل جهود إسعاف الضحايا حيث الدقيقة يمكن أن تشكل فارقآ بين الحياة والموت بالنسبة للضحايا ولهذا يجب فرض عقوبات رادعة على من يصور ويتداول صور ضحايا الحوادث.
متى سينتهي هذا المسلسل وتنتهي حلقاته وينقرض مخرجوه من أبطال تصوير تلك المناظر البشعه صورا مؤلمه لجثث متفحمه أجساد ملقاه على أرصفة الطرقات أوصال متقطعه وأطراف مبتوره ( أيد وأرجل ) مهترئه وممزقه.
دماء زكيه كست الشارع الأسود المسفلت باللون الأحمر لتضيف عليه صبغة متناقضه، ملابس ممزقه لأجساد أنحشرت داخل سياراتها تتطلب تدخل وحدات من الدفاع المدني لأخراج ماتبقى منها.. كل تلك الصور وتلك المناظر المؤلمه والمحزنة تصلنا عبر وسائل الأتصال أبطالها هم هواة تصوير الحوادث المروريه، لم يراعو صرخات أم ثكلى وأب مكلوم وزوج مفجوع وزوجة ترملت وأطفال تيتمت وأقارب وجيران وأصدقاء ومعارف لأصحاب تلك الحوادث، همهم الأول هو أخراج تلك الصور بأفضل مايمكن حتى تنتشر أنتشار النار بالهشيم.
أتمنى من كل قلبي أن يتعظ البعض ممن يقوم بتصوير تلك المشاهد حتى لايقع في مثل ماقام به لاسمح الله ( فكما تدين تدان )
وأن يراعي حرمة أقرباء المصاب فمواساتهم أفضل من الأساءة لهم...
وبالنهاية أتمنى من الحكومة والشعب ومجلس النواب تبني قانون يجرم كل من يقوم بالتصوير وينشر الصور.