قهوة وزيت..
أحمد حسن الزعبي
جو 24 : نحن جيل نصلح جميعاً ان نكون ضيوف في برنامج «شاهد على العصر» أو مادة دسمة للبرامج التحقيقية ،فنحن لا نقل حظوة عن الناجين من سقوط الطائرات ، ولا عن السالمين من مكائد الاغتيالات، فلنا تجارب غنية لها أول وليس لها آخر من الاستطبابات الشعبية ،والعلاجات المنقولة بالتواتر من عجائز الحي ، ووجدونا بهذه الهيئة وبأنصاف الحواس السمعية والبصرية إنما هو أعجوبة من عجائب الدنيا التي لا تعد ولا تحصى..
في الزمن القديم ،كان هناك طبيب عام واحد في المحافظة يمارس كل ما أتيح له من صنوف الطب حيث كان الاختصاص آنذاك تقليعة لم تظهر بعد، القادرون من الفلاحين والبسطاء كانوا يغامرون بالذهاب من القرية إلى مركز المحافظة لعلاج الطفل الذي بين يديهم حسب وقت فراغهم ، والكثير الكثير من المنشغلين في الفلاحة أو الحصاد كانوا يكتفون أن يرسلوا زوجاتهم إلى إحدى الجارات الطاعنات في الحكمة والتي تتضمن سيرتها الذاتية أكثر من ثلاثين حفيداً عدا الأولاد، 13 ذكراً و9 إناث و7من الوفيات المبكرة او ما يسمّون بطيور الجنة.
تحضر الجارات ونساء الحي إلى «مايو كلينك» البلدة عبارة عن غرفة من طين وعجوز تمد ساقها قرب مدفأة الحطب وبيدها مسبحة من «بزر» الزيتون وفرشات تفوح منها رائحة الحُلبة...ترحّب بجميع المراجعين دون استثناء ودون أي اعتبار للدور أو رغبة في حفظ الأسماء ، لا تطرح اكثر من سؤالين : ماله؟؟و وين بــ»يحكّ»؟..
العجوز: ماله؟؟ الأم: ببكي؟..العجوز: وين بيحك؟؟..الأم: أذنه!!...تضع الحجة الطفل في حضنها..ثم تصب كمية قليلة من قهوة في فنجانها حتى تبرد..تنفخ عليها..ثم تديرها في أذن الصبي يصرخ من جديد ثم ينام من الوجع..الذي يليه...ماله؟...الأم: ببكي طول الليل؟..وين بيحك؟؟ بطنه ..تأخذه من جديد وتضع قطرات زيت على كفها ثم تدهن بطنه وتدلكه بحركات مساجية فيرتاح الولد..الثالث ...يبكي!! لا يستطيع ان يفتح عينيه من القذاء..تأخذ «تفل» الشاي الذي في قاع الكوب الذي كانت تشرب منه وتدهن رموش وعيون الوليد..الرابع الذي يعاني من زكام...تدهن رقبته في الزيت،وتضع في انفه قطرة ليمون وتشربه ملعقة خل مخفف بيطلع الولد من بين يدين الحجة «صحن فتّوش»...انا خضعت لصب قهوة سادة في اذني اليمين وزيت حلاوة في أذني اليسار..وتحت ابطي منقوع القرفة...ولو كانت شركة نستله قد اهتدت الى « 3 في واحد» آنذاك لوضعته حكيمة الحي على «سرّتي»..كنت أسأل نفسي لم تقتصر علاج عجائز البركة على «الزيت والقهوة» وما هي الخلاصات العلمية والطبية منهما ،لأكتشف ان كل الطب كان «بالاستقراب» بمعنى كل وصفاتها قرب مجلسها ..حولها بكرج القهوة وعلى يمينها ابريق الزيت..تصب منهما أنّى شاءت بنية الشفاء الذي غالباً ما يحصل..بسبب بركة يدها وبسبب اكساب الطفل المناعة مع تقدم العمر...
معلومة على الهامش... نصف «طرشان الحي» بسبب «القهوة اللي بدون وشّ»!!
في الزمن القديم ،كان هناك طبيب عام واحد في المحافظة يمارس كل ما أتيح له من صنوف الطب حيث كان الاختصاص آنذاك تقليعة لم تظهر بعد، القادرون من الفلاحين والبسطاء كانوا يغامرون بالذهاب من القرية إلى مركز المحافظة لعلاج الطفل الذي بين يديهم حسب وقت فراغهم ، والكثير الكثير من المنشغلين في الفلاحة أو الحصاد كانوا يكتفون أن يرسلوا زوجاتهم إلى إحدى الجارات الطاعنات في الحكمة والتي تتضمن سيرتها الذاتية أكثر من ثلاثين حفيداً عدا الأولاد، 13 ذكراً و9 إناث و7من الوفيات المبكرة او ما يسمّون بطيور الجنة.
تحضر الجارات ونساء الحي إلى «مايو كلينك» البلدة عبارة عن غرفة من طين وعجوز تمد ساقها قرب مدفأة الحطب وبيدها مسبحة من «بزر» الزيتون وفرشات تفوح منها رائحة الحُلبة...ترحّب بجميع المراجعين دون استثناء ودون أي اعتبار للدور أو رغبة في حفظ الأسماء ، لا تطرح اكثر من سؤالين : ماله؟؟و وين بــ»يحكّ»؟..
العجوز: ماله؟؟ الأم: ببكي؟..العجوز: وين بيحك؟؟..الأم: أذنه!!...تضع الحجة الطفل في حضنها..ثم تصب كمية قليلة من قهوة في فنجانها حتى تبرد..تنفخ عليها..ثم تديرها في أذن الصبي يصرخ من جديد ثم ينام من الوجع..الذي يليه...ماله؟...الأم: ببكي طول الليل؟..وين بيحك؟؟ بطنه ..تأخذه من جديد وتضع قطرات زيت على كفها ثم تدهن بطنه وتدلكه بحركات مساجية فيرتاح الولد..الثالث ...يبكي!! لا يستطيع ان يفتح عينيه من القذاء..تأخذ «تفل» الشاي الذي في قاع الكوب الذي كانت تشرب منه وتدهن رموش وعيون الوليد..الرابع الذي يعاني من زكام...تدهن رقبته في الزيت،وتضع في انفه قطرة ليمون وتشربه ملعقة خل مخفف بيطلع الولد من بين يدين الحجة «صحن فتّوش»...انا خضعت لصب قهوة سادة في اذني اليمين وزيت حلاوة في أذني اليسار..وتحت ابطي منقوع القرفة...ولو كانت شركة نستله قد اهتدت الى « 3 في واحد» آنذاك لوضعته حكيمة الحي على «سرّتي»..كنت أسأل نفسي لم تقتصر علاج عجائز البركة على «الزيت والقهوة» وما هي الخلاصات العلمية والطبية منهما ،لأكتشف ان كل الطب كان «بالاستقراب» بمعنى كل وصفاتها قرب مجلسها ..حولها بكرج القهوة وعلى يمينها ابريق الزيت..تصب منهما أنّى شاءت بنية الشفاء الذي غالباً ما يحصل..بسبب بركة يدها وبسبب اكساب الطفل المناعة مع تقدم العمر...
معلومة على الهامش... نصف «طرشان الحي» بسبب «القهوة اللي بدون وشّ»!!