2025-07-26 - السبت
28°C
صافي
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الأمن الوطني الأردني واعادة التموضع

د. حسن البراري
جو 24 :
استنطاق المشهدين الامني والاستراتيجي بعد المقابلة غير المسبوقة التي منحها رئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال محمود فريحات لمحطة البي بي سي تشي بأن التحديات التي تواجه الأردن في عام ٢٠١٧ ستكون أكثر حدة من ذي قبل، فالخلايا النائمة والذئاب المنفردة ستحاول ضرب الساحة الأردنية لخلق حالة من عدم الثقة وعدم الاستقرار.

غير أن المؤسسة العسكرية الأردنية (التي تحظى بثقة الغالبية الساحقة من الأردنيين) تميز بين نوعين من التحديات الأمنية: الأول استراتيجي(Strategic Secuirty) وهو مرتبط ببقاء الأردن ونظامه السياسي وهذا النوع من التحديات لا يقلق مضاجع الأردنيين ولا مؤسساته الحاكمة لأسباب موضوعية ترتبط بحقيقة أن هناك تحالفا دوليا سيلحق هزيمة استراتيجية بتنظيم داعش، والراهن أن تجربة التنظيم في احتلال ارض والتثبت بها لقترة طويلة تستلزم ظروفا خاصة لم وربما لن تتوفر بالأردن.

النوع الثاني من التحديات الأمنية هو ما يعرف بالادبيات بالامن اليومي(current security)، وهو ليس استراتيجيا. وهذا النوع من التحديات الأمنية لا يشكل خطرا على بقاء البلد ونظامه لكنه يستلزم حالة من الاستتنفار الدائم والتعبئة والاستمرار في التركيز على هذا الخطر الأمر الذي يتطلب موازنات اضافية لا أعرف كيف سيوفرها الأردن من دون مساعدات من دول مقتدرة ولها مصلحة في محاربة الارهاب.

وبحسه الاستراتيجي العالي، يتفهم الجنرال فريحات بأن الجيش السوري هو الجهة الوحيدة التي يمكن الوثوق بها، وهو بذلك انما يبعث برسالة واضحة تفيد بأن القيادة لا ينبغي أن تكون مدفوعة بالعاطفة والرغبة في الانحياز للثورة بقدر ما تعيد موضعة نفسها في اللعبة الاقليمية ما يضمن هدفين هامين هما: بقاء الأردن وهزيمة الارهاب حتى لو تطلب ذلك القفز إلى عربة التحالف المنتصر. والحق أن الأردن كان حذرا منذ بداية الأزمة ورفض كافة الضغوط للتدخل، وكان هذا القرار حكيما وبخاصة مع تردد ادارة أوباما واستدارة تركيا نحو محور إيران وروسيا وحزب الله وبشار الأسد، وسيكون هذا التحالف اشد وطأة مع قدوم إدارة دونالد ترامب الذي يناصر جهد بوتين واردوغان في سوريا.

لست متأكدا من أرقام الأردنيين المنضوين تحت لواء تنظيم داعش، فالجنرال يتحدث عن ٣٠٠ مقاتل في حين كانت المعلومة الشائعة بين المراقبين تتحدث عن ما يقارب من ٣٠٠٠ مقاتل، لكنه يبقى هو الأقرب لأن الأمن هو من يمتلك ارقاما رسمية وإن لم يتم الافصاح عنها في السابق، لكن وبصرف النظر عن عدد هؤلاء فالاردن بحاجة لاجتراح استراتيجية للتعامل معهم في حال عودتهم لفصلهم عن "حواضنهم" الاجتماعية وقواعدهم أن كان لهم قواعد، وهنا لا بد من التذكير بالحاجة إلى بنك معلومات عنهم وعن نشاطاتهم وارتباطاتهم الداخلية. وحتى لا يبدو وكأننا نستسهل المهمة، نقول أن الأردن بحاجة إلى ما هو أعمق من المعالجة الأمنية وهنا لابد من التذكير برص الصفوف داخليا وما يتسلزمه من التركيز على البعد الاجتماعي والفكري للأزمة وهي مهمة لا يمكن القول بأن حكومة هاني الملقي على قدر مسؤولية التصدي لها.

ويبقى تحذير الجنرال فريحات من الحزام البري الذي يربط ايران بلبنان عبر العراق وسوريا صدىً لتحذير سابق للملك عبدالله عندما استشرف تشكل هلال شيعي وحاول استنهاض عواصم تمويل الارهاب لعلها تفعل شيئا إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث. وفي هذا السياق نتفهم حرص الاردن الرسمي الاقتراب من ادارة ترامب التي تعادي إيران لكنها من جانب آخر لن تتعاطف مع الأردن في ملف حل الصراع مع إسرائيل.

يرى الساسة في الأردن (باستثناء ناصر جودة) أن قدرة الأردن في التأثير على الادارات الامريكية متواضعة، لكن لا خيارَ أمام الأردن سوى التفاعل مع أي ادارة أمركية وبخاصة وأن الاردن يعتمد على مساعدات أمريكا السخية، والأردنيون بهذا المعنى ينتهجون مبدأ فصل الملفات compartmentalization حتى يتسنى لهم ايحاد ارضيات مشتركة تضمن دفع الاذى عن بلادهم. ويتمثل التحدي الصعب أمام صاحب القرار بكيفية تبرير اعادة التموضع التي تخدم بقاء بشار الأسد في وقت ينقسم فيه الشارع بين مؤيد لبشار مع انهم اقلية واغلبية ساحقة مع الاطاحة به؟
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير