الجبهة الوطنية للإصلاح .. مراجعة لا بد منها
ناهض حتر
جو 24 : تنتمي " الجبهة الوطنية للإصلاح" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، أحمد عبيدات، فكريا وسياسيا، إلى الحقبة الأولى من الربيع العربي؛ فقد قامت فكرة الجبهة على ائتلاف يضم الإخوان المسلمين وشخصيات قومية وليبرالية وممثلي أحزاب البعث والشيوعي وحشد والوحدة الشعبية. ولولا الخصومة المبكرة بين الجبهة والحركة الوطنية الاجتماعية، لكان هناك اجماع وطني وشعبي وراء عبيدات. ولقد سبق لنا القول إن الجبهة فشلت حين تحولت من مظلة إجماع إلى طرف سياسي بمجرد أنها تجاهلت وجهة نظر الوطنيين الأردنيين.
غير أن المرحلة الثانية، الحالية، من الربيع العربي، التي دشنتها الانتفاضة المصرية ضد الدكتاتورية الإخوانية، وضعت "الجبهة"، ورئيسها، رجل الدولة العتيق ورجل القانون، عبيدات، أمام مأزق السؤال السياسي والأخلاقي حول التحالف مع إخوان الأردن، وهم جزء من حركة إخوانية مركزها مصر، أي حيث ينشئ " الإخوان" دكتاتوريتهم المكشوفة؛ هل يقبل عبيدات ـ ومن معه من القوميين والليبراليين ـ ومعظمهم من أهل القانون ـ فرض وثيقة دستورية بالقوة وتزوير إرادة المصريين؟ هل يقبلون بما حفل به الدستور الإخواني من صلاحيات رئاسية وتقزيم للقضاء ولحقوق الكادحين والنساء؟ وهل يقبلون بمحاصرة الإخوان للمحكمة الدستورية العليا ومنع انعقادها بالعنف، وتجريف صلاحياتها الدستورية؟ وهل يقبلون بالتعيينات غير القانونية في المناصب القضائية؟ وبمحاصرة الإعلام المستقل وتهديد كوادره؟ وهل يقبلون باستخدام المليشيات ضد المعارضة المدنية، القومية واليسارية؟
حقا، إنني شغوف بمعرفة رأي عبيدات وصحبه بفظائع التزوير والبلطجة المرافقة للخضوع لتعليمات صندوق النقد الدولي في زيادة أسعار الأساسيات، وتجاهل مصالح الأغلبية الشعبية لمصلحة رجال الأعمال. ثم كيف تتابع الجبهة أخبار تونس، حيث تقذف الجماهير الغاضبة من الإفقار والتهميش، بالحجارة، رئيس الجمهورية، المرزوقي، أداة إخوان تونس التي تشهد صراعا بين الكادحين ،ويمثلهم "الاتحاد التونسي للشغل"، والرأسماليين المحليين والأجانب الذين يتطوع حزب النهضة الحاكم لخدمتهم في كل سياساته.
ثم نأتي إلى سؤال أخلاقي وسياسي آخر؛ العلاقة مع الإرهاب والإرهابيين. لا يماري أحد بأن جماعة رجب أردوغان هي أكثر جماعات الحركة الإخوانية تقدما من الناحية السياسية والفكرية. ومع ذلك، وجدنا أن الخطوط بينها وبين الجماعات الإرهابية مفتوحة ومتشابكة. فعدا عن تسهيلات إخوان تركيا لهجرة "القاعدة" إلى سورية، كشفت الصحافة التركية، الأسبوع الماضي، عن معسكر في لواء الاسكندرون السوري المحتل من قبل الأتراك، يضم عشرة آلاف ( 10000) مقاتل من طالبان أفغانستان، يقومون بمهمات إرهابية في سورية انطلاقا من معسكر ترعاه حكومة أردوغان، بالتعاون مع السي آي إيه التي أشرفت على نقل أولئك الإرهابيين من أفغانستان إلى تركيا، فسورية.
إخوان سورية، من جهتهم، يدافعون بقوة عن جبهة النصرة الإرهابية المتخصصة بالتفجيرات الإجرامية في الأحياء العلوية والشيعية والمسيحية والدرزية في حرب طائفية مسعورة، هدفها القيام بعملية تطهير مذهبي وعرقي في بلد التعددية والحضارة.
بإخلاص شديد، أدعو الرئيس عبيدات، متذكرا ما يكنه له شعبنا من احترام وثقة، أن يفكّر مليا بالتحولات الحاصلة في الإقليم، التي دفعت بكل الشرفاء، وطنيين وتقدميين ويساريين وقوميين وليبراليين، إلى إعادة النظر وتصويب المسار والوقوف في مواجهة مشروعات الدكتاتورية الدينية الطائفية والإرهاب والظلام .
nahed.hattar@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)
غير أن المرحلة الثانية، الحالية، من الربيع العربي، التي دشنتها الانتفاضة المصرية ضد الدكتاتورية الإخوانية، وضعت "الجبهة"، ورئيسها، رجل الدولة العتيق ورجل القانون، عبيدات، أمام مأزق السؤال السياسي والأخلاقي حول التحالف مع إخوان الأردن، وهم جزء من حركة إخوانية مركزها مصر، أي حيث ينشئ " الإخوان" دكتاتوريتهم المكشوفة؛ هل يقبل عبيدات ـ ومن معه من القوميين والليبراليين ـ ومعظمهم من أهل القانون ـ فرض وثيقة دستورية بالقوة وتزوير إرادة المصريين؟ هل يقبلون بما حفل به الدستور الإخواني من صلاحيات رئاسية وتقزيم للقضاء ولحقوق الكادحين والنساء؟ وهل يقبلون بمحاصرة الإخوان للمحكمة الدستورية العليا ومنع انعقادها بالعنف، وتجريف صلاحياتها الدستورية؟ وهل يقبلون بالتعيينات غير القانونية في المناصب القضائية؟ وبمحاصرة الإعلام المستقل وتهديد كوادره؟ وهل يقبلون باستخدام المليشيات ضد المعارضة المدنية، القومية واليسارية؟
حقا، إنني شغوف بمعرفة رأي عبيدات وصحبه بفظائع التزوير والبلطجة المرافقة للخضوع لتعليمات صندوق النقد الدولي في زيادة أسعار الأساسيات، وتجاهل مصالح الأغلبية الشعبية لمصلحة رجال الأعمال. ثم كيف تتابع الجبهة أخبار تونس، حيث تقذف الجماهير الغاضبة من الإفقار والتهميش، بالحجارة، رئيس الجمهورية، المرزوقي، أداة إخوان تونس التي تشهد صراعا بين الكادحين ،ويمثلهم "الاتحاد التونسي للشغل"، والرأسماليين المحليين والأجانب الذين يتطوع حزب النهضة الحاكم لخدمتهم في كل سياساته.
ثم نأتي إلى سؤال أخلاقي وسياسي آخر؛ العلاقة مع الإرهاب والإرهابيين. لا يماري أحد بأن جماعة رجب أردوغان هي أكثر جماعات الحركة الإخوانية تقدما من الناحية السياسية والفكرية. ومع ذلك، وجدنا أن الخطوط بينها وبين الجماعات الإرهابية مفتوحة ومتشابكة. فعدا عن تسهيلات إخوان تركيا لهجرة "القاعدة" إلى سورية، كشفت الصحافة التركية، الأسبوع الماضي، عن معسكر في لواء الاسكندرون السوري المحتل من قبل الأتراك، يضم عشرة آلاف ( 10000) مقاتل من طالبان أفغانستان، يقومون بمهمات إرهابية في سورية انطلاقا من معسكر ترعاه حكومة أردوغان، بالتعاون مع السي آي إيه التي أشرفت على نقل أولئك الإرهابيين من أفغانستان إلى تركيا، فسورية.
إخوان سورية، من جهتهم، يدافعون بقوة عن جبهة النصرة الإرهابية المتخصصة بالتفجيرات الإجرامية في الأحياء العلوية والشيعية والمسيحية والدرزية في حرب طائفية مسعورة، هدفها القيام بعملية تطهير مذهبي وعرقي في بلد التعددية والحضارة.
بإخلاص شديد، أدعو الرئيس عبيدات، متذكرا ما يكنه له شعبنا من احترام وثقة، أن يفكّر مليا بالتحولات الحاصلة في الإقليم، التي دفعت بكل الشرفاء، وطنيين وتقدميين ويساريين وقوميين وليبراليين، إلى إعادة النظر وتصويب المسار والوقوف في مواجهة مشروعات الدكتاتورية الدينية الطائفية والإرهاب والظلام .
nahed.hattar@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)