2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

متى تورّطنا وكيف؟

ناهض حتر
جو 24 : بدأت الخروقات على الجبهة الأردنية ـ السورية، منذ ربيع العام 2012، تحت الضغوط الخارجية المكثّفة، وتضمنت خمسة مستويات، هي: أولا، السماح لشبكات التهريب التقليدية بين البلدين بتغيير بضائعها المهربة من الاستهلاكيات والأجهزة الخ إلى أسلحة ،وتشتمل على بنادق كلاشنكوف ورشاشات دوشكا وقاذفات أر بي جي وقنابل يدوية ومسدسات وذخائر، ولاحقا مدافع متوسطة مضادة للطائرات العمودية ومضادة للدروع، ثانيا، تسهيل تهريب مقاتلين عربا إلى الأراضي السورية، ثالثا، " غض الطرف"، بلا تنسيق، عن تسلل سلفيين جهاديين أردنيين عبر النقاط الحدودية "غير الآمنة". وهو ما كان يؤدي إلى اشتباكات معها من قبل عناصر عسكرية أردنية ، رابعا، غض الطرف عن معسكرات تدريب سرية ومحدودة السعة، أسسها الإخوان المسلمون، وعملت على تدريب وتهريب عناصر سورية وعربية، خامسا، تدريب حوالي خمسمائة عسكري سوري قبل فض الدورة، وإنهاء العملية في صيف العام الماضي.

لماذا لم يعلن السوريون عن هذه الخروقات؟ " أولا، لأنها كانت تجري سرا، بل ببالغ السرية. وعلى الرغم من أنها كانت مكشوفة للجيش السوري الذي اصطدم، عدة مرات، مع مهربي سلاح أو مسلحين متسللين، فإن طابعها السري بالذات، نُظر إليه كحل أردني خاص يستجيب للضغوط الخارجية مع الحفاظ على موقف سياسي متزن من الصراع في سوريا. وكان أمام دمشق، خياران: هل تضحي ـ بالتصعيد ـ بالموقف السياسي الأردني الإيجابي، رسميا وشعبيا، أم تبتلع هذه الخروقات التي ـ وإنْ كانت مؤذية ـ فهي محدودة التأثير؛ فالسرية البالغة كانت تحد من الحجم والفعالية. ورأت دمشق أن الإبقاء على السر، أفضل لا من الناحية السياسية فقط، وإنما، أيضا، من الناحية العملية.

مطلع العام 2013، كان قد تم البدء بتدريب عناصر من الجيش السوري الفارين إلى الأردن. كانت الدورة مخصصة لخمسة آلاف، لم يكن ممكنا أن يلتحق إلا أقل من ثلاثة آلاف، بسبب أن الكثيرين من العسكريين الفارين إلى الأراضي الأردنية، كانوا إداريين وليسوا مقاتلين. انضم إلى الدورة مقاتلون إسلاميون من الجنسيات الليبية والتونسية والمصرية والسودانية.

كانت عملية التدريب ـ التي جرت على أيدي عسكريين أميركيين ـ مكثّفة، وتهتم ببناء كتائب قوات خاصة مدربة على قتال الشوارع والتفجير والتفخيخ ومقاومة الدروع الخ بالإضافة إلى التجنيد وقيادة العمليات. وفي النهاية، انجلت الدورة عن 1560 مقاتل تم تجهيزهم بالسلاح وأجهزة الاتصالات، وإرسالهم إلى سوريا كمجموعات بالتنسيق مع مجموعات مسلحة محلية في منطقة درعا. هؤلاء زاروا الأردن سابقا والتقوا مع مسؤولين أردنيين وسعوديين وأميركيين، وجرى تجنيدهم للعمل مع القوة المدرّبة المتدخلة من الأردن، وتحت قيادتها.

نجحت هذه القوة في أواخر شباط/ أوائل آذار من العام الحالي، في إعادة تنظيم مجموعات مسلحة محلية، وضمها إلى صفوفها في إطار عملية قتالية واسعة، تمكنت من السيطرة على مخافر للشرطة ومقار حكومية وحزبية، لكن انجازها الأهم كان بالسيطرة على مقر قيادة لواء الدفاع الجوي ( مقر القيادة وليس اللواء) والحصول على غنائم من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وفي النهاية، توصلت العملية العسكرية، المدعومة بتغطية معلوماتية من الأراضي الأردنية، إلى فرض سيطرتها على "درعا ـ البلد"، وعدة قرى مجاورة، وتحويل الطريق الدولي إلى دمشق إلى طريق " غير آمن"، لكن من دون السيطرة عليه.

توقفت العملية في منتصف آذار، محتفظة بما أنجزته، بعدما اتضح، أولا، أن السيطرة على محافظة درعا ليست ممكنة، وثانيا، أن معركة الاستيلاء على دمشق، أصبحت غير واقعية، جراء بدء الضربات الاستباقية التي قام بها الجيش العربي السوري في ريف دمشق، وبدأت فعلا في محافظة درعا، وستستمر حتى الضبط الكامل للحدود بين البلدين.

nahed.hattar@alarabalyawm.net


(العرب اليوم)
تابعو الأردن 24 على google news