كارثة مخيم اليرموك
ناهض حتر
جو 24 : مخيم اليرموك الواقع على المدخل الجنوبي لمدينة دمشق، هو أكثر المخيمات الفلسطينية ازدهارا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويقطنه حوالي 280 ألف لاجئ فلسطيني. الآن، يهيم هؤلاء على وجوههم في هجرة جديدة بعدما نكّل مسلحو جبهة النصرة بالمخيم وأهله ومنازله ومحلاته. الجيش العربي السوري، بدوره، طلب من السكان، حفاظا على أرواحهم، مغادرة المخيم الذي تحوّل ساحة لقتال سيكون شرسا جدا.
منذ بدء الأزمة في سورية، كان مخيم اليرموك خارج معادلة الاقتتال الداخلي، ولم يكن هناك أي عسكري أو شرطي سوري داخل المخيم الذي أوكلت السلطات، للجان الشعبية، مهمة الدفاع عنه وتأمين أمنه. وتتكون هذه اللجان الشعبية، بصورة رئيسية، من مقاتلي الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، وكذلك من مقاتلي الجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية. وقد سقط المخيم، فجأة، بين أيدي جبهة النصرة، تقريبا من دون قتال، بسبب ثغرات فُتحت لها من داخله، تكفّل بها تحالف عجيب بين حماس وفتح.
تسيطر حماس، سياسيا، على حوالي 30 بالمائة من المخيم، وجمهورها ومقاتلوها هم الذين شكلوا البيئة الحاضنة للتنسيقيات الفلسطينية المعارضة للنظام السوري، وللاتصالات مع مقاتلي " الإخوان" و" النصرة"، بل وساهم مقاتلو حماس، بدورهم، في القتال إلى جانب الجماعات المسلحة التي احتلت المخيم. المدهش أن بقايا فتح في المخيم انضمت للحمساويين! لكن المدهش أكثر هو انشقاق مقاتلين من "الشعبية ـ القيادة العامة" وانضمامهم إلى "النصرة"، رفقة أعضاء في الشعبية والديموقراطية. وبذلك، سهل للإرهابيين ـ ومعظمهم أجانب ـ من احتلال المخيم.
إذا ما استثنينا قيادات وبعض مقاتلي " الشعبية ـ القيادة العامة "، فمن الواضح أنه ليس للنظام السوري أصدقاء بين الفصائل الفلسطينية، بل إن هذه الأخيرة قد تختلف على كل شيء، ولكنها تتفق على العداء للنظام السوري. وبالنظر إلى العلاقات التاريخية بين الطرفين، والتسهيلات السياسية والأمنية والعسكرية التي طالما قدمتها دمشق لتلك الفصائل، فإنه يمكن للمرء أن يستنتج أن البيئة الأصولية السلفية هي المسيطرة في مخيم اليرموك، بحيث أن مقاتلي المنظمات اليسارية ينشقون عنها لصالح حماس والإخوان والنصرة.
يعضّ النظام السوري، الآن، أصابعه، ندما على التسهيلات الاستثنائية التي جرى منحها لحماس في المخيمات الفلسطينية في سورية، طوال 15 عاما، بما في ذلك تدريب المقاتلين والسماح للحركة بالسيطرة على مساجد وإنشاء جمعيات خيرية وإقامة شبكة أنصار، والأهم بناء بيئة حاضنة دينية ـ سلفية. وكما يحدث، عادة، فإن الخطوط تظل مفتوحة بين التنظيمات الدينية على اختلافها، إخوانية أو سلفية أو سلفية جهادية أو إرهابية. وعلى مهاد هذه الخطوط المفتوحة، نشأت علاقات متعددة الأبعاد، في الآونة الأخيرة، سمحت لـ" جبهة النصرة"، بتحقيق احتلال مفاجئ لأقسام من مخيم اليرموك الذي وقع بين براثن الإرهابيين. وسيقوم الجيش السوري، بطبيعة الحال، باستخدام أقسى العنف لاسترداد المخيم الذي يمثل خطرا عسكريا على دمشق.
ليس للاجئين الفلسطينيين، أية مصلحة في التورّط في الحرب الأهلية السورية، ولكن، ها هم يدفعون الثمن، قتلى وجرحى ومشردين، على مذبح المصالح السياسية للفصائل، وخصوصا حماس التي تعهدت لقطر وتركيا بدور فلسطيني في " الثورة السورية" .
(العرب اليوم )
منذ بدء الأزمة في سورية، كان مخيم اليرموك خارج معادلة الاقتتال الداخلي، ولم يكن هناك أي عسكري أو شرطي سوري داخل المخيم الذي أوكلت السلطات، للجان الشعبية، مهمة الدفاع عنه وتأمين أمنه. وتتكون هذه اللجان الشعبية، بصورة رئيسية، من مقاتلي الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، وكذلك من مقاتلي الجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية. وقد سقط المخيم، فجأة، بين أيدي جبهة النصرة، تقريبا من دون قتال، بسبب ثغرات فُتحت لها من داخله، تكفّل بها تحالف عجيب بين حماس وفتح.
تسيطر حماس، سياسيا، على حوالي 30 بالمائة من المخيم، وجمهورها ومقاتلوها هم الذين شكلوا البيئة الحاضنة للتنسيقيات الفلسطينية المعارضة للنظام السوري، وللاتصالات مع مقاتلي " الإخوان" و" النصرة"، بل وساهم مقاتلو حماس، بدورهم، في القتال إلى جانب الجماعات المسلحة التي احتلت المخيم. المدهش أن بقايا فتح في المخيم انضمت للحمساويين! لكن المدهش أكثر هو انشقاق مقاتلين من "الشعبية ـ القيادة العامة" وانضمامهم إلى "النصرة"، رفقة أعضاء في الشعبية والديموقراطية. وبذلك، سهل للإرهابيين ـ ومعظمهم أجانب ـ من احتلال المخيم.
إذا ما استثنينا قيادات وبعض مقاتلي " الشعبية ـ القيادة العامة "، فمن الواضح أنه ليس للنظام السوري أصدقاء بين الفصائل الفلسطينية، بل إن هذه الأخيرة قد تختلف على كل شيء، ولكنها تتفق على العداء للنظام السوري. وبالنظر إلى العلاقات التاريخية بين الطرفين، والتسهيلات السياسية والأمنية والعسكرية التي طالما قدمتها دمشق لتلك الفصائل، فإنه يمكن للمرء أن يستنتج أن البيئة الأصولية السلفية هي المسيطرة في مخيم اليرموك، بحيث أن مقاتلي المنظمات اليسارية ينشقون عنها لصالح حماس والإخوان والنصرة.
يعضّ النظام السوري، الآن، أصابعه، ندما على التسهيلات الاستثنائية التي جرى منحها لحماس في المخيمات الفلسطينية في سورية، طوال 15 عاما، بما في ذلك تدريب المقاتلين والسماح للحركة بالسيطرة على مساجد وإنشاء جمعيات خيرية وإقامة شبكة أنصار، والأهم بناء بيئة حاضنة دينية ـ سلفية. وكما يحدث، عادة، فإن الخطوط تظل مفتوحة بين التنظيمات الدينية على اختلافها، إخوانية أو سلفية أو سلفية جهادية أو إرهابية. وعلى مهاد هذه الخطوط المفتوحة، نشأت علاقات متعددة الأبعاد، في الآونة الأخيرة، سمحت لـ" جبهة النصرة"، بتحقيق احتلال مفاجئ لأقسام من مخيم اليرموك الذي وقع بين براثن الإرهابيين. وسيقوم الجيش السوري، بطبيعة الحال، باستخدام أقسى العنف لاسترداد المخيم الذي يمثل خطرا عسكريا على دمشق.
ليس للاجئين الفلسطينيين، أية مصلحة في التورّط في الحرب الأهلية السورية، ولكن، ها هم يدفعون الثمن، قتلى وجرحى ومشردين، على مذبح المصالح السياسية للفصائل، وخصوصا حماس التي تعهدت لقطر وتركيا بدور فلسطيني في " الثورة السورية" .
(العرب اليوم )