jo24_banner
jo24_banner

كتاب : هل الفلسطينيون مستعدون لاقتسام دولة مع الاردن؟

كتاب  : هل الفلسطينيون مستعدون لاقتسام دولة مع الاردن؟
جو 24 : ترجمة د. حسن البراري - كتب الصحفي الأميركي من اصل فلسطيني والمقيم في الاردن دواد كتاب مقالا في مجلة ذي اتلانتيك الاميركية- التي هي محط اهتمام النخب في الولايات المتحدة- يقول فيه أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ربما يسعى لكونفدرالية مع الاردن وهي خطوة يمكن لها أن تكسر الجمود في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني على حد تعبير دواد كتاب.

المقال برمته هو مرافعة من قبل الزميل داود كتاب لاقناع القيادات الاميركية بجدوى الكونفدرالية التي كان يجب ان تتحقق قبل سنوات الا ان الملك حسين ضرب الفكرة، ويلقي الزميل كتاب باللوم على الملك الراحل ويصف موقفه بأنه سمم الوضع.

وفي معرض ترويجه لفكرة الكونفدرالية، يمتدح دواد كتاب الملك عبدالله الثاني قائلا ان الملك " ليس لديه حساسية من الكونفدرالية وليس للفلسطينيين مخاوف منه".

لا نعرف إن كان الزميل داود كتاب يعبر فعلا عن موقف الملك عبدالله ولكن واضح بأنه يرى بأن فكرة الكونفدرالية التي يريدها ما كانت لتتم مع وجود استراتيجي كبير من طراز الملك الراحل غير ان هناك فرصة لأن تتم مع الملك عبدالله.

عموما المقالة اغفلت سياقين هامين: الأول هو موقف الشارع الفلسطيني من الكونفدارلية ومن النخب الفلسطينية المعزولة التي تدفع باتجاه تسوية بلا دولة والثاني هو أن هناك اشكالية كبيرة جدا داخل الاردن الذي يرفض المكون الشرق اردني فيه الكونفدرالية لأنها تضيع حقوق الفلسطينيين ولأنها تستهدف هويتهم.

تاليا ترجمة لمقال دواد كتاب الى العربية :

هل الفلسطينيون مستعدون لاقتسام دولة مع الاردن؟
مجلة ذي اتلانتيك، ديسمبر ٢٦، ٢٠١٢
داود كتاب

يمكن ان يكون الرئيس عباس يبحث عن كونفدرالية مع الاردن- وهي خطوة من شأنها أن تفضي في نهاية الامر الى كسر الجمود وانهاء المأزق في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. في صيف عام ١٩٩٣، منحت سبق نادر كصحفي فلسطيني: مقابلة حصرية مع رئيس وزراء اسرائيل في ذلك الوقت اسحاق رابين، وتعد المقابلة الاولى التي تمنح لصحفي يعمل في صحيفة فلسطينية. وفي منتصف المقابلة التي استمرت لساعة كاملة سألت رابين عن رؤيته لمستقبل وضع الضفة الغربية النهائي خلال خمسة عشر الى عشرين عام. رابين في ذلك الوقت (وكما اكتشفنا لاحقا كان قد وافق على القناة الخلفية للمفاوضات في أوسلو) اخذ نفس سيجارة اعطيت له من قبل أحد مساعديه وأجاب بأنه يتصور أن يكون وضع الضفة والقطاع جزء من كيان مع الاردن.

اتذكر هذه الاجابة بعد عشرين عاما من المقابلة في وقت تصبح فيها اتفاقات أوسلو التي وقعها رابين في حديقة البيت الابيض في ايلول ١٩٩٣ ميتة من قبل كافة اللاعبين المشتركين بها ويوشك محمود عباس- الذي وقع مذكرات التفاهم مع اسرائيل نيابة عن منظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الخريف- ان يغادر الحياة السياسية دون أن يكون هناك خليفة واضع له في السلطة الفلسطينية التي اقيمت على اجزاء من الضفة الغربية منذ ان نفذت الاتفاقية في عام ١٩٩٥.

وقد دفع اخفاق هذه المقاربة البعض إلى اقتراح طرق للخروج من المأزق- وهو مأزق ناتج عن غياب الارادة السياسية من قبل الرئيس باراك اوباما وفشل الآخرين في اصلاح الوضع دون تدخل الولايات المتحدة. ففي هذه الحيرة والمأزق السياسي يجد الصراع الفلسطيني الاسرائيلي نفسه مغازلا فكرة ومعادة قديمة وجديدة: دور للمملكة الاردنية الهاشمية. في اجتماع له باعضاء من جمعية عيبال الخيرية في شهر اكتوبر (وهي جمعية مؤلفة من اردنيين من اصل فلسطيني من نابلس الذين استضيفوا في بيت رئيس مجلس الاعيان طاهر المصري) فتح الامير حسن بن طلال المسألة. وفي حديثه المسجل والمنشور على موقع جودان ديز تي في، أكد الامير حسن على أن الضفة الغربية هي جزء من المملكة الاردنية الهاشمية والتي تضم ضفتي نهر الاردن. وقال بأنه شخصيا لا يعارض حل الدولتين غير ان هذا الحل ليس ذي صلة في المرحلة الراهنة. كلام الامير في التاسع من اكتوبر لم يحظى الا باهتمام قليل حتى كرر الفكرة قائد سابق من منظمة التحرير الفلسطينية ولكن بنبرة مختلفة. فاحد مؤسسي فتح فاروق القدومي منح صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن مقابلة اقترح فيها عودة الضفة الغربية للأردن كجزء من فيدرالية او كونفدرالية. وحري بالذكر أن القدومي الذي رفض اتفاقيات اوسلو ورفض أن تطأ قدماه اراض مناطق السلطة الفلسطينية لا يتمتع إلا بتأثير قليل، وفي احدى المرات قام باتهام الرئيس محمود عباس بأنه هو من وقف خلف تسميم الراحل ياسر عرفات. غير ان فكرة القدومي سرعان ما اعترض عليها ياسر عبدربه والتي وصفها بالفكرة الساذجة.

لكن في بداية الشهر الحالي نقلت صحيفة القدس العربي عن الرئيس عباس بأنه اخبر عددا من قيادي منظمة التحرير بضرورة الاستعداد لمشروع كونفدرالية جديد مع الاردن واطراف أخرى في المجتمع الدولي وأن مكتبه قد اصدر تقارير لتقييم الاستراتيجيات الافضل لقيادة مفاوضات محتملة مع الاردن لاحياء فكرة الكونفدرالية. وقد نقل بأنه طلب من مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية بأن يستعدوا لمتابعة هذه الاستراتيجية. وهذا التقرير- في حال التأكيد عليه من قبل مصادرة رسمية- يمكن أن يشكل لحظة فاصلة للحركة الوطنية الفلسطينية ويمكن أن يعبر عن تأييد للمقترح من قبل اعلى المرجعيات. وجاءت رغبة الرئيس عباس في سبر غور الكونفدرالية مع الاردن في اعقاب قرار الامم المتحدة باعتبار فلسطين دولة مراقب باغلبية ١٣٨ مقابل ٩ اصوات. وقج منح النصر الواضح الرئيس عباس القوة السياسية لسبر غور خطوة اشكالية كهذة وكذلك منحه النصر الاعتراف الدولي بالسيادة التي يسمح للفلسطينيين بأن يدخلوا في علاقة كونفدرالية مع الاردن على قدم المساواة.

ولفكرة أن يعلب الاردن دوار اكبر في فلسطين جاذبية بالنسبة لاطراف متعددة. فبالنسبة للاسرائيلين- (الذي يزعمون أنه يمكن ان يعيد الفلسطينون مشكلة صواريخ غزة في حال انسحاب اسرائيل من الضفة الغربية)- فإن فكرة دور امني اردني في الضفة الغربية يمكن له ان يبدد قلقهم الامني. فدور اردني علني في فلسطين سيكون مقبولا من قبل اسرائيل لأن الهاشميين يتمتعوا باحترام ثابت من قبل الاسرائيليين. كما أن الطرف الاميركي سيجد هذه الفكرة اسهل للتعامل في حال عودة المفاوضات. كما أن الفلسطينيين غير الراضين عن المنظمة وعن فشلها في انهاء الاحتلال الاسرائيلي سيرحبوا باي عملية يمكن لها ان تنهي الوجود الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية. حتى لو كان هذا يعني ان يحل بدل الاحتلال بشكل مؤقت طرف عربي سواء كان الاردن او اي عضو آخر بالجامعة العربية.

واقتراح أن يعود الاردن الى مفاوضات مباشرة التي يمكن ان تحتوي على سيطرة سيادية ومسؤولية للاردن في الضفة الغربية هو اقتراح محفوف بالمخاطرة بالنسبة لغالبية الفلسطينيين والاهم من ذلك بالنسبة للاردنيين. فالفلسطينيون سينظروا الى ذلك كزحف على استقلاهم فيما سينظر الاردنيون الى ذلك كعبء سيضعف من محاولاتهم بناء اردن جديد يحتوي على شرق اردنيين واقل ما يمكن من المواطنين من اصل فلسطيني. فصفقة كهذه ستفضي بكل تأكيد الى اغلبية فلسطينية في نظام فيدرالي وتترجم سيناريو يدفع به اليمين الاسرائيلي وهو ان تكون الاردن فلسطين.

غير ان كونفدرالية اردنية فلسطينية هي موضوع آخر. فالكونفدراليات هي انظمة سياسية تضم دولتين مستقلتين. وفي بعض الاوقات في الثمانينيات كان هذا هو المصطلح الاكثر شيوعا في المنقطة. وقد تم اقتباس الراحل صلاح خلف الملقب بأبي اياد والذي كان يشغل رئيس استخبارات منظمة التحرير وهو يقول بأن كل ما يحتاجه الفلسطينيون هو خمس دقائق من الاستقلال وبعدها سيوافقون بسعادة على كونفدرالية مع الاردن. غير ان الوضع اصبح مسموما عندما قال الراحل الملك حسين علنا بأنه لا يرد أن يذكر اي شخص كلمة كونفدرالية وهو ما حصل لعقدين. غير ان الملك عبدالله الثاني المتزوج من فلسطينية الاصل لا يمتلك مثل هذه الحساسية ولم يعد الفلسطينيين عندهم قلق حيال الملك او حيال اطماع اردنية في الارض الفلسطينية. فمنذ عام ١٩٨٨ فقد اعلن الاردن (الذي سيطر على الضفة الغربية الى ان فقدت في عام ١٩٦٧) عن ان وحدة الضفتين في بداية الخمسينات لم تعد قائمة. فبعد ان اندلعت الانتفاضة بوقت قصير اعلن الملك حسين عن وقف دوره في الضفة الغربية، وهذا الوقف الذي ما زال ينتظر تفويضا دستوريا كان تم رفضة من قبل حركة الاخوان المسلمون- الجماعة الاكبر والاكثر تنظيما في الاردن.

لم يتضح بعد فيما اذا كانت الفكرة التي اقترحها الامير حسن وفاروق القدومي ويؤيدها بشكل سري فيما يبدو المبعثون الاميركان للمنطقة ستكون جذابة، وايضا ليس واضحا فيما اذا كانت كلمات الراحل رابين زعيم حزب العمل والتي نشرتها في صحيفة القدس في ذلك الوقت ما زالت مناسبة في دوائر حكومية اسرائيلية برئاسة الليكودي بنيامين نتنياهو والتي على الارجح بأنها ستستمر في الحكم باسرائيل بعد الانتخابات الشهر المقبل. المفارقة أن الانتخابات النيابية الاردنية والتي يقاطعها حزب جبهة العمل الاسلامي التابع لحركة الاخوان المسلمين ستجري في اليوم الذي يلي الانتخابات الاسرائيلية.

فبينما من غير الواضح اذا كان الاردن سينتهي الى ممارسة دور سيادي في الضفة الغربية، فإن التأييد لدور اردني اكبر في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي سيزداد بكل تاكيد في الاشهر والسنوات القادمه في حال استمرار التراجع الحالي للمنظمة والسلطة الفلسطينية. والعامل المقرر في كل هذه النقاشات يجب ان يأتي من قبل الجانب الاسرائيلي الذي ما زال عليه أن يقرر فيما اذا كان يرغب بالتخلي عن السيادة في الاراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٧ لطرف عربي سواء أكان هذا الطرف فلسطيني او أردني.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير