إسفلت أحمر
من المعيب للحكومات والرجال الذين يعتقدون أنهم يجلسون في مواقع المسؤولية أن يربطوا جرس ذاكرتهم بالموت ، فكلما وقع حادث سير وقطفت فيه أرواح زكية لزينة الشباب والرجال في الوطن نتذكّر أن طريق إبليس ،طريق الموت، الطريق الصحراوي القاحل بكل شيء الا بهياكل السيارات المفجوعة بركّابها ، لم يصلّح ولم ينجز بعد…
الأردنيون لا يحتاجون إلى عبارات النعي ولا شعور الأسف الذي يرافق تقليب الصور كلما وقع حادث سير دامٍ ، نحن نريد إصلاح الطريق بالدرجة الأولى وتنحية الشاحنات عن طريق الركاب والسيارات الصغيرة كما تفعل كل الدول المحترمة ..هل إصلاح الطريق بحاجة إلى إرادة سياسية أيضاَ؟؟ هل إصلاح طريق الصحراوي بحاجة إلى تنمية سياسية ونضوج أحزاب؟؟ وإرادة سامية؟؟ إنها بحاجة إلى "قلابات” زفته أكثر من كل التنظير الفارغ الذي يدلق صبح مساء في قاعات ومدرجات عمان..
أبناؤنا المارون على هذه الطريق إلى رزقهم في الخليج ، الباحثون عن لقمة عيشهم بين عمان والعقبة ،العرب القادمون لينعشوا سياحتنا ..الا يحق لكل هؤلاء أن نمهّد طريقهم ونوسّع مساربها ونرقع حفرها المزمنة ..؟
أليس من المخجل أن ينجز هذا الطريق في داخل أراضينا للمرة الأولى قبل عقود بتبرّع سخي من العراق ، ثم يدفع بتبرّع سخي من الخليج راجين إصلاحه ، وكل الأموال التي كانت تأتي من اجل الصحراوي كانت تأكلها "ضباع عمان” الذين يسطون على كل المنح والقروض والمساعدات…ولتستمر الحوادث ما دامت الدماء التي تراق كل يوم بسبب سوء الطريق وضيقها وعدم إنارتها ، ليست من الدماء المهمة وليست من الدماء المحسوبة على السلطة وليست من الدماء الحاكمة…
معيب بحقنا كدولة أننا بعد كل هذه السنوات غير قادرين على تعبيد طريق حيوي دولي يربطنا بكل الدول الخليجية …معيب إذا كان مجرّد شارع يقهرنا ويمنينا بالخسائر البشرية والمادية كل يوم و لو حسبت بالورقة والقلم لاكتشفنا أن خسائرنا بمئات الملايين وأضعاف التكلفة الحقيقية لإصلاحه..فكيف سنواجه العدو المرتقب بضعف الجاهزية نفسها اذا منينا بهزيمة من مجرّد طريق ؟؟…
دققوا في أي وصل استلام من مراكز ترخيص المركبات ،هناك بنود لضرائب لا نعرف لمن تجني ولمن تذهب…الا يفترض ان تكون (رسم اضافي دون تسميته او تفنيده ،وثمن القسيمة ،رسم الطوابع) كلها أو بعضها مخصصة لإصلاح الطرق التي تمشي عليها المركبة أين تذهب كل هذه الأموال ولجيب من؟؟…
في كانون ثاني الماضي دائرة السير المظفرة قامت بتحرير نصف مليون مخالفة سير بمعنى آخر نصف سيارات المملكة تم مخالفتها في شهر واحد وبقيمة تقديرية حوالي 16 مليون دينار من جيوب الأردنيين ..أين تذهب هذه الأموال؟؟؟ وأين نصيب إصلاح الطرق وانارتها منها ؟؟…
عيب هذه الفجاجة بالسرقة المفضوحة ،ومقرف ومنفر هذا الترهل الذي لا يقود الاّ الى زيادة في "هريان” مسننات الدولة ككل..كونوا بحجم المسؤولية واعملوا لبلدكم…أو اتركوها لأولادها المخلصين فهي تهّمهم أكثر!!..