2024-12-25 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

هل ستكون قمة المصالحات العربية..؟

حسين الرواشدة
جو 24 :

كل ما نتمناه من قمة " البحر الميت " ان تطمئننا على سلامة ذاتنا العربية , وان تعيد لعواصمنا العربية التي فقدت ثقتها بنفسها وبمن حولها توازنها وقدرتها على تصحيح الاخطاء والخروج من المأزق الذي غرقت فيها على امتداد السنوات الماضية .

ادرك تماما ان حبل الاماني طويل , وان المواطن العربي الذي حاول ان يمسك به مع كل "قمة " تعقد اصيب بالخيبة ، حتى ان هذا الحبل انقطع , لكن ارجو الا نفقد الامل تماما , فأقل ما يمكن ان تفعله هذه القمة هو ان تحقق فضيلة " الالتقاء " لاكبر عدد من الزعماء والقادة العرب وان تبعث برسالة لمن يهمه الامر بان العرب , مازالوا موجودين , ليس سياسيا فقط , وانما باجسادهم وارواحهم , خاصة بعد هذا الطوفان الذي تعرضت له منطقتنا العربية , والدماء والالام والصراعات التي لم تتوقف ولم تهدأ بعد .

حين ندقق في مشهد المنطقة , نجد ان المشروع العربي ما زال غائبا ,كما ان العرب غائبون عن " الطاولة " ، واحيانا ليسوا اكثر من رجل مريض تحاصره " الاجندات " والمطامع الدولية والاقليمية التي تتربص به وتبحث عن مصالحها على حسابه , نجد ايضا ان صوت الحكمة الذي كان موجودا على مدى تاريخنا المعاصر اختفى لمصلحة خطاب مجنون ومأزوم ايضا , وكأن الجسد العربي يتحرك بلا رأس , ويتخبط بلا دليل , نجد ثالثا ان القضايا التي كانت تشكل " مشتركات " عربية , كقضية فلسطين , تراجعت لحساب قضايا داخلية تهم كل قطر , وكأن العنوان الذي تبقى هو " انا ومن بعدي الطوفان " , نجد رابعا ان الارهاب اصبح الشغل الشاغل لمعظم الدول العربية , وان اولوية مواجهته اصبحت مقدمة على ما سوى ذلك , نجد خامسا ان " اسرائيل " التي كانت هي العدو بلا منافس احتلت المرتبة الثانية -او ربما لم تعد كذلك – بعد ان تقدم الخطر الايراني – وقبله خطر " الذات " التي اكلت نفسها بنفسها .

سؤال ماذا يمكن للقمة ان تنجزه وسط هذه " المناخات " الملبدة بالتحولات والصراعات والانقسامات يبدو مشروعا , لكن الاجابة عليه تحتاج الى تسجيل ملاحظتين : الاولى هي ان يدرك القادة العرب ان مصير بلدانهم اصبح في خطر , وان الاعتماد على شعوبهم , لا غيرها , هو الطريق الاقصر والاوحد للحفاظ عليها وضمان استقرارها , اما الملاحظة الثانية فهي ان اطلاق حركة السياسة من خلال تدشين اصلاحات حقيقية تجسر الفجوة بين الانظمة وشعوبها , وتعيد الثقة بينهما هو العنوان الاساسي لاستعادة العافية وتحقيق الحد الادنى من الاحترام ناهيك عن انه الخطوة الاولى للخروج من المازق الذي وجدنا انفسنا فيه .

فيما يتعلق " بالانجاز " الذي يمكن للقمة ان تحققه يمكن الاشارة الى عدة ملفات , الاول ترميم العلاقات العربية البينية وتأجيل او جدولة الخلافات بين بعض العواصم التي ارهقتها صراعات " الاجندات " كمقدمة لاجراء مصالحات تاريخية بين كافة الدول العربية ، الثاني اعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية عربية مركزية , لاسيما في هذه المرحلة التي تزدحم فيها " اسواق " العروض والمزايدات , وتتربع فيها اسرائيل كمنتصر يريد ان يفرض شروطه , وتحاول فيها واشنطن ان تدفع العرب للقبول بتسوية اقليمية ظالمة , ويجد الفلسطينيون انفسهم عاجزين عن فعل اي شيء , الثالث ملف الحروب العربية في سوريا والعراق واليمن وليبيا , وهي تحتاج الى مواقف ومراجعات عربية واضحة وحازمة , بموجبها لابد ان يصار الى طرح مشروع عربي " للسلام " داخل اطار الملة الواحدة , وفتح حوارات مع الدول الكبرى في الاقليم ( تركيا وايران ) ومع الدول الكبرى , ليكون الحل العربي هو المفتاح للدخول في تسويات نهائية لكافة الصراعات في المنطقة .

تبقى ملفات اخرى مهمة , منها ملف " اللاجئين " السوريين الذي مازالت الاردن تتحمل العبء الاكبر منه , حيث لابد ان يتشارك الاشقاء العرب فيه , و ملف الاقتصاد والتبادل التجاري بين الدول العربية الذي ما زال في اخفض مستوياته , و ملف الحريات العامة والمعتلقين في البلدان العربية على قضايا سياسية ، وملف التعاون الامني لمواجهة الارهاب هذا الذي يستحوذ دائما على اهتمام القمم بمعزل عن المجالات الاخرى الذي تتعلق بجذور التطرف واسبابه التي ساهمت في انتاج الارهابيين .

باختصار , قمة البحر الميت يجب ان تترك بصمة - اي بصمة ايجابية - في مسيرة القمم العربية الطويلة , واذا تعذر ذلك فأقل ما يمكن ان تنجزه هو ان تطمئن الشعوب العربية بان امتهم مازالت حية وعصية على " الانقراض " وان بمقدورها ان تلتقط انفاسها وتصحو من جديد .الدستور

 
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير