حول الخطبة الموحّدة
منذ أن أقرّت وزارة الأوقاف توحيد الخطبة ليوم الجمعة في كافة مساجد المملكة..وموضوع «الخطبة الموحّدة» صار واحة للتندر والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي..وربما السؤال الأكثر شيوعاً بين الناس ومستخدمي هذه المواقع بمجرد غروب شمس الخميس هو: «شو موضوع خطبة الجمعة»؟...البعض يقترح موضوعاً عن الرضاعة الطبيعية ،والآخر عن فوائد تنظيف الأسنان والثالث يريدها عن اللامركزية...
فهمنا أن الهدف من توحيد الخطبة هو لجم السياسة من على المنابر بالدرجة الأولى ،وضبط الخطاب الديني ومنع الأهواء «التكفيرية» لتفتي وتحرّض وتبرر كل حسب شيخه وطريقته التي تربّى عليها..لكن بالمقابل لا يجوز «تمييع» المواضيع التي يتم اختيارها عنواناً لخطبة الجمعة بحيث لا تلامس مشاكل المجتمع ولا تخدم الدولة ولا يجوز أيضاَ أن تؤلّف الخطبة في مكاتب وزارة الأوقاف بجمل وعظية مستهلكة وعبارات مكررة لا نقبلها «كموضوع إنشاء للصف الخامس» ولا تمت للخطابة بأية صلة فلا هي أوصلت الرسالة ولا حرّكت الناس نحو التغيير الايجابي..
تريدون أن توحّدوا موضوع خطبة الجمعة..لا بأس..لكن على الأقل تأنّوا في اختيار المواضيع ولا تتكلوا على المناسبة « عيد الشجرة: خطبة عن الشجرة...يوم الدفاع المدني: خطبة عن الدفاع المدني»...اختاروا عناوين لها علاقة بعيش الناس بمشاكلهم الاجتماعية بهمومهم اليومية ،على تماس مباشر بما يحدث لنا..ولا بأس من التنوير السياسي والفكري والاجتماعي في الخطبة فما لا يسمعه الفرد على المنبر حتماً سيقرؤه على المواقع الإخبارية والقنوات الفضائية والحسابات الشخصية..والأهم من ذلك اتركوا لخطيب الجمعة «بحبوحة» للتعبير بطريقته عن موضوع الخطبة بلغته وأسلوبه وأدواته..أعطوهم ثلاثة أو أربعة مواضيع في الأسبوع ليختاروا منها واحداً..وبهذا تكون قد حدّدت المسارات وتركت الحرية لإمام المسجد ان يختار ما يناسبه اعتبروها موضوع تعبير مدرسي يا أخي بالعادة يعطى الطالب خيارات للكتابة..
أعتقد حتى تؤتي الخطبة الموحّدة أكلها..لا بد من أن تكون الخطبة شعبية الموضوع والأسلوب ،تتكلم بلغة الناس ولسانهم ، كما لا بد من تفاعل الخطباء أنفسهم مع الوزارة، ان يخصص هاتف أو «بريد اليكتروني» لاستقبال اقتراحات الخطباء والناس لمواضيع الخطب القادمة واختيار الأنسب والأقرب لنبض وهموم المواطنين ومن ثم تعميمه على مديريات الأوقاف..ماذا نريد بمواضيع مثل: يوم التوفئيد العالمي..والصيد الجائر..وعدم الاسراف بماء الوضوء...ومنافع المردقوش؟!!
الراي