jo24_banner
jo24_banner

نريد «طاولة» حوار وطني!

حسين الرواشدة
جو 24 :

منذ نحو عامين لم ننجح - للأسف - في وضع طاولة حوار وطني يلتقي حولها كافة القوى السياسية والاجتماعية لمناقشة ملف واحد عنوانه “الإصلاح”، هذا الفشل - بالطبع - لا يتحمل مسؤوليته طرف دون آخر، فالمعارضة مثل الحكومات المتعاقبة تماماً اعتقدتْ بأن “وصفاتها” الجاهزة هي الاصلح والاقدر على اقناع الناس، وفي كل مرة يستشعر فيها طرف بأن الآخر جاهز للتنازل والبحث عن حد ادنى من التوافق سرعان ما يهرب الى مزيد من التصلب والتصعيد، وكأن “لعبة” العناد تحولت الى نوع من “المكاسرة” المغشوشة التي نكتشف الآن بأنها أضرت بالبلد، وعمقت أزمته اكثر فأكثر.

وراء مثل هذا “العناد” سبب واحد اساسي هو “غياب الثقة”، فالحكومات - على اختلاف عناوينها - لا تثق بالمعارضة ولا تعتبرها معبراً حقيقياً عن هموم الناس وقضايا المجتمع، كما انها تتعامل معها بمنطق الاستهانة احيانا وبمنطق “الاتهام” والمبالغة والتخويف احيانا اخرى، والمعارضة في المقابل تعتقد بأن تجربتها المرة مع الحكومات ولدت لديها قناعات متراكمة أفقدتها الثقة “بالحكومات” ودفعتها الى الاستقواء بالشارع او الى البحث عن “شراكة” وضمانات محددة مع اطراف اخرى في دوائر صناعة القرار.

الآن، يبدو ان الازمة لم تعد تقتصر على جبهة الصراع التقليدي بين الحكومات “والمعارضات” وانما تجاوزتها الى المجتمع والشارع، فقد شكلت الحراكات الشعبية طرفا جديدا دخل من خلاله “فاعلون” جدد، ومضامين ومطالب غير محددة، واحيانا غير معروفة، واصبحنا بالتالي امام تحد آخر يصعب التعامل معه بمنطق “التسويات” السياسية فقط، كما يصعب التنبؤ باتجاهاته، او التوجه نحو عناوينه التي ما تزال مجهولة، ومع امتداد الوقت والرهان على شراء الزمن، وجدنا انفسنا امام مسار سياسي الزامي، محكوم دستورياً، وامام مخارج ضيقة ان لم يكن امام مخرج واحد وهو: الانتخابات، هذه التي سيظل سؤالها معلقاً بلا اجابة حتى الثالث والعشرين من هذا الشهر.

للانصاف، نجحت الدولة في احتواء الازمة على المدى المنظور، واستطاعت ان تتجاوز اخطر مفاصلها، وتمكنت بعض الحكومات من انجاز بعض “الاختراقات” في ملفات مختلفة، آخرها ملف الفساد الذي تناوبت الحكومات عليه تباعا “بالفتح” ثم “الاغلاق”، لتطمين الشارع واستعادة ثقته، لكن كل هذه الانجازات ما زالت متواضعة ولم تطفىء رغبة الناس واشواقهم الى التغيير، وللانصاف، ايضا، استطاعت الحراكات ان تحافظ على عفويتها وسلميتها، وامتلكت نفسا طويلا ومرونة في التعاطي، لكنها على الجانب الآخر لم تنجح في تطوير ادواتها ومضامين خطابها، وظلت معلقة بردود افعال غالبا ما تكون صدى للحدث أو القرار السياسي.

الآن، تولد لدينا - منذ عامين - جملة من الافكار وبعض المشتركات التي يمكن ان توجه حوارنا السياسي، لكننا نحتاج الى مسألتين: طاولة للقاء تجمع “الكل” حولها, وتتيح لهم فرصة النقاش حول ملف “الاصلاح” باعتباره الناقل الاساسي لمرحلة التحول الديمقراطي، وثانيهما ارادة سياسية تدفع باتجاه بناء “المشتركات” الوطنية ودمجها وتحويلها الى قرارات واجراءات بضمانات محددة ومواقيت محددة ايضا.

ما لم نتمكن من انجاز “طاولة الحوار” وما لم يثق الناس بأن ارادة الاصلاح اصبحت حقيقة لا نقاش حولها، فاننا سنظل ندور في الحلقة ذاتها، وسنعود مرة اخرى الى نقطة الصفر.. ولدي قناعة بأن احدا في بلادنا لا يقبل أبداً ذلك.. فلماذا إذن لا نتحرك نحو وضع “الطاولة” ولماذا لا نصارح الناس بأن الاصلاح أصبح ضرورة وطنية.. وبأنه لا خيار لنا غيره ولا رجعة عنه مهما كان الثمن؟.
(الدستور )

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير