د. السورطي يحصد جائزة أحسن كتاب مؤلف
حصل الأستاذ الدكتور يزيد السورطي أستاذ أصول التربية في قسم أصول التربية والإدارة في كلية العلوم التربوية في الجامعة الهاشمية على جائزة جامعة فيلادلفيا لأحسن كتاب مؤلف في العلوم الإنسانية لعام 2011، عن كتابه المعنون بـ: "السلطوية في التربية العربية" الصادر عن سلسلة عالم المعرفة وهي سلسلة شهرية واسعة الانتشار يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت.
ويؤكد المؤلف في مقدمة كتابه الذي طُبِعَ منه ثلاثة وأربعون ألف نسخة: "أن التربية التي تقوم على العنف والتعسف، والقهر والتسلط، ومصادرة الحرية، هي أقصر الطرق لتحطيم الفرد، وتدمير المجتمع"، ويضيف: "أن معظم المشكلات والتحديات والأزمات التربوية العربية" هي "أعراض" "لمرض" السلطوية. ويقول المؤلف: إن "السلطوية نقيض رئيس، وعدو لدود للتربية"، ويوضح أن "التربية تسعى إلى تفجير طاقات الفرد، وبناء شخصيته، بشكل شامل، ومتكامل، ومتوازن، كما تهدف إلى إعداد الفرد المفكر، والمبدع، والمتفوق"، بينما تقوم السلطوية بالعكس من ذلك على قهر الإنسان، وتعطيل طاقاته، وتقويض مهاراته، وشل قدراته، والحد من إبداعه. ويسعى المؤلف في صفحاته الـ (287) إلى فهم ظاهرة السلطوية والعمل على محاصرتها في محاولة للحد من انتشارها والقضاء عليها.
ويتناول الكتاب السلطوية باعتبارها خضوعا تاما للسلطة ومبادئها بدلاً من التركيز على الحرية، وهي استخدام القوة لذات القوة، ومن صورها الشدة، والعقاب، وإلقاء الأوامر، والتهديد، والتوبيخ، والإحراج، والعنف، والتمييز، والحرمان من الحقوق، والفرض بالقوة، ومصادرة الحركة، وعدم مراعاة إنسانية الإنسان.
وتتمثل السلطوية في العملية التعليمية-التعلمية في طرق التدريس التي تقوم على أسلوب المحاضرة التي تعتمد التلقين التي تحصر وظيفة الطالب بالحضور والاستماع وحفظ ما سمعه. كما تتمثل السلطوية في مناهج التدريس التي لا تراعي حاجات المتعلمين، وتقيد المعرفة بمصدر أوحد هو الكتاب المقرر، ولا تخلو عملية التقييم من مظاهر سلطوية حيث تحصر التقييم في وسيلة وحيدة هي الامتحانات التي تثير الرعب والفزع في نفوس الطلبة، ولا تقيس سوى القدرات العقلية الدُنيا كالتذكر والحفظ، وبعدها عن الشمول والموضوعية. كما تبرز المظاهر السلطوية في الجوانب الإدارية والإشرافية بشكل واضح. وتمتد لتقيد الحريات الأكاديمية في الجامعات وتحد من قدرة الأستاذ والطالب في البحث والتدريس والمناقشة. كما أثرت سلبا وحولت التعليم من رسالة سامية إلى سلعة تجارية.
وعرضت سلسلة عالم المعرفة للكتاب المكون من سبعة فصول على النحو التالي بأنه "كتاب يتناول بالتحليل والتوضيح، مشكلة تربوية عربية حقيقة هي السلطوية بأبعادها المختلفة، وزواياها المتعددة، حيث يُحدِّد أولاً مظاهر السلطوية في طرق التدريس، والمناهج، والتقويم، والإدارة التربوية، والإدارة الصفية، والعلاقة بين المعلم والطالب، كما يسلط الضوء على مظاهر السلطوية المتمثلة في ضعف الحرية الأكاديمية، وشيوع الأمية والتمييز التربوي، والتسليع التربوي، واللفظية والماضوية في التربية. ثم يُبرز أهم نتائج السلطوية وآثارها، كإعادة إنتاج التسلط، وإضعاف النظام التعليمي، وتسهيل التغريب الثقافي والتربوي، وتفشي الاغتراب لدى الطلاب والمعلمين، وإعاقة الإبداع، وانتشار الملل. كما يقدم الكتاب عددا من الاقتراحات والتوصيات للتغلب على السلطوية التربوية، في محاولة للإسهام في الحد من مشكلة صعبة تعيق تطوير التربية العربية، وتقف حجر عثرة في طريق التنمية وبناء الإنسان في الوطن العربي، وهي ذات انعكاسات خطيرة على الفرد، وحياته، ومستقبله، وتعلمه، ومجتمعه".
ويختتم الدكتور السورطي مؤلفه بجملة من المقترحات ومن أبرزها في المجال التربوي: تطوير النظم التربوبة العربية، تنويع طرق التدريس، النظر للمنهاج الدراسي باعتباره إطارا شاملا للمعارف والخبرات والمهارات وليس كتابا مقررا ومصدرا وحيدا، وتنويع وسائل التقويم، وإقامة علاقات بين المعلم والطالب أساسها التفاهم والاحترام، وإشاعة جو الأمن والحرية في المؤسسات التربوية والأكاديمية، واعتبار عملية الاشراف التربوي عملية تعاون وليست عملية تفتيش، تطبيق اللامركزية في إدارة التربية والتعليم، ضمان مبادىء تطبيق الحرية الأكاديمية في الجامعات العربية، التأكيد أن التعليم خدمة عامة وليست سلعة، ربط التربية العربية بالحاضر والمستقبل والتخلص من الماضوية والصبغة اللفظية المسيطرة عليها.
كما قدم مجموعة من المقترحات في المجالات الاجتماعية والسياسية والدينية ومنها: إقامة العلاقات الأسرية على أسس من التفاهم والتحاور والاحترام المتبادل، وتحقيق الإصلاح السياسي بالمشاركة باتخاذ القرار، وصيانة الحقوق والحريات العامة، توزيع الثروات وثمار التنمية بعدالة، وضمان تكافؤ الفرص، وتضييق الهوة بين الطبقات، وفهم الدين وتطبيقه بشكل صحيح، واحترام القانون.
والدكتور السورطي حاصل على الدكتوراه من جامعة بتسبرج Pittsburgh الأميركية. وله أكثر من عشرين بحثاً منشورا، ركزت في معظمها على الظواهر الهامة في التربية العربية.