سدين وخيرية.. ضحايا الاستخفاف الحكومي بحياة المواطنين والحبل على الجرار..
جو 24 :
* الملقي وحكومته يتحملون وزر التضييق على الناس ودفعهم للموت ألما وقهرا
* يمنعون الاعفاءات بحجة وقف الهدر.. وهدرهم لا حدود له
أحمد الحراسيس - لم تكن الطفلة سدين ذات التسعة أعوام الوحيدة التي راحت ضحية تشدد الحكومة في منح الاعفاءات الطبية وعدم توفير التأمين الصحي الحكومي للمواطنين غير المؤمنين، فمن قبلها كانت الخمسينية خيرية والستيني يوسف.. وبالتأكيد هنالك مئات وربما آلاف آخرون ممن يتحمل رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي مسؤوليتهم بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية وصاحب قرار التشدد في منح الاعفاءات الطبية للمواطنين الفقراء البسطاء..
لا ذنب ولا سبب مباشر لوفاة سدين ومن قبلها خيرية غير أنهما مواطنتان أردنيتان قرر رئيس حكومتهم ضبط النفقات في مجال الرعاية الصحية للحدّ من عجز الموازنة التي أنهكتها القرارات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة واستباحها الفاسدون دون مساءلة ومحاسبة حقيقية..
الوقائع التي شهدناها خلال الأعوام الأخيرة، وفي عهد الملقي وسلفه الدكتور عبدالله النسور تحديدا أثبتت أن أي تشريعات أو تعليمات تقدم عليها الحكومة عليها بزعم "القوننة" يكون الهدف منها "التوفير والجباية" فحسب وليس "التنظيم"، وهذا يظهر جليّا في انسحاب الدولة من مسؤولياتها في المجالين "الصحي والتعليمي"، حتى أضحى الفقير بحاجة إلى "واسطات وعشرات الوثائق" للحصول على اعفاء طبي أو "قرض تعليمي وليس منحة"، فيتخرّج الطالب من جامعته مديونا متعطلا عن العمل!
التشدد في منح الاعفاءات الطبية يكون عادة في حال كان المحتاج مواطنا عاديا بسيطا، وأما إذا كان الطلب من أحد أعضاء مجلس النواب المحسوبين على الحكومة فهو يحصل عليه بكلّ سهولة ويُسر، ما يعني أن الاعفاءات أصبحت أداة لشراء ولاءات النواب والمسؤولين "للحكومة"، كما أن الحصول على الاعفاء لا يعني نيل خدمة طبية لائقة؛ فالاعفاءات لا تعالج حالات "عدم توفّر الأسرّة أو الأطباء" رغم أن معظم مستشفيات وزارة الصحة تعاني من هاتين المشكلتين.
الملقي لم يكتفِ بالتشدد في الاعفاءات التي تُمنح عن طريق رئاسة الوزراء فقط، بل تجاوز ذلك إلى تحديد الاعفاءات التي كان يمنحها الديوان الملكي العامر للمواطنين واقتصار ذلك على مستشفيات وزارة الصحة، فأنهى بذلك آخر مظاهر الرحمة والرأفة والتكافل بين مؤسسات الدولة والناس، وأغلق بابا كان يستقبل في كلّ يوم مئات الطلبات الخاصة بالمحتاجين لرعاية صحية هم غير قادرين على دفع ثمنها، فأصبح الفقراء بلا عون ولا ظهر بعدما أغلقت الحكومة باب الملك أمام المحتاجين من المرضى..
الواضح ان حكومة الدكتور الملقي لا تختلف عن سابقتها بكونها ساعية لتحصيل الأموال والضرائب منّا دون أن تقدم لنا خدمة لائقة، ودون أن تعطينا حقوقنا الأساسية في الصحة والتعليم، وكأننا مجرّد خدم لديها تتركنا نواجه الموت لدى اصابتنا بالمرض!
الحكومة مطالبة بإعادة النظر في قرارها المتعلق بالاعفاءات الطبية، والتوقف عن ضبط النفقات في المجال الصحي، فلا يعقل أن يكون الضبط على حساب صحة المواطن وحياته وهذا بدعة لم يذهب إليها من قبل أي رئيس وزراء سابق، وعلى الرئيس الملقي أن يدرك أخيرا أن ادارة شؤون الدولة تختلف عن ادارة شركة خاصة، فعلى الدولة واجبات ومسؤوليات أبسطها وأبرزها وأهمها هي تقديم التأمين الصحي والرعاية الصحية للمواطنين وتطوير المستشفيات التابعة لوزارة الصحة لتتوقف مساعي الناس عن البحث عن اعفاء في مستشفيات القوات المسلحة والمستشفيات الجامعية.