ممحاة ترامب وقلم أوباما !!
شاعت في مصر بعد رحيل عبد الناصر عبارة استيكة السادات، والاستيكة هي الممحاة، والمقصود بذلك ان السادات تعقّب كل ما انجزه عبد الناصر ليمحوه موقفا بعد آخر، ومحطة بعد أخرى، خصوصا بعد سياسة ما سمي الانفتاح التي شرعت ابواب الخصخصة وانهاء القطاع العام .
وبعد رحيل اوباما على الطريقة الامريكية وهي انتهاء فترته الرئاسية وليس على الطريقة العربية وهي موت او قتل او نفي الرؤساء ، بدأ ترامب يستعمل الممحاة ايضا، بدءا من التأمين الصحي وما حاول اوباما انجازه على هذا الصعيد مرورا بالانسحاب من نادي المناخ الدولي وليس انتهاء بموقفه الان من كوبا، التي حاول سلفه اذابة الجليد معها .
كوبا تعرضت لأكثر من ستة عقود كما تعرض كاسترو لمحاولات اغتيال تصل الى المئات، لأن فيدل نفسه اعترف بأنه شخصيا تعرض لأكثر من مئتي محاولة، وما تصور اوباما انه انجزه مع تلك الجزيرة التي لعبت دور البطولة في دراما امريكا اللاتينية اصبح الان في مهب الرياح، لأن ترامب يعود بعد عقود الى الخطاب الامريكي الواسبي المشحون بالتعالي والتجريم، فالمطلوب من القارة الساخنة ان تكون منجما لأمريكا، وان تبقى في النطاق المرسوم لها، لكن الكوبيين كما قال فيدل كاسترو ذات يوم تذوقوا مرارة قصب السكر، ولم يظفروا بحلاوته التي ظفر بها العالم كله، وذلك شأن معظم دول القارات الثلاث المنكوبة حيث تحولت النعمة فيها الى نقمة، بسبب الاطماع الكولونيالية .
ممحاة ترامب تفترض ان كل ما انجزه اوباما كان بقلم رصاص، لذلك سهل عليه ان يمحوه، لكن الامريكيين الان ليسوا قطيعا متجانسا ، فهناك عصيان وتمرد شمل ثلاث ولايات مؤخرا خصوصا فيما يتعلق بالمناخ، والفارق بين استيكة السادات وممحاة ترامب ان الاول كان شريكا لعبد الناصر ومن رجاله ومن حُسبوا على ثورة يوليو .
لكن ممحاة ترامب جمهورية وقلم اوباما ديموقراطي، وثمة ما يبرر الخصومة السياسية شرط ان لا تكون على حساب البلاد والعباد .
والمشمولون بممحاة ترامب ليسوا امريكيين فقط، فهناك شعوب في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية عليها ان تنتظر اعادة فتح الملفات التي ظنت انها ودعتها وطويت، ولو كانت امثالنا الشعبية قد ترجمت الى الانجليزية لقلنا للسيد ترامب ان النكاية بالخصم لا تبرر الاساءة للحليف !!