أجراسُ العودةِ لن تُقرع
رندا حتاملة
جو 24 :
في كل صباح أستشقُ صوتَ فيروز مغردةً للأرض للسماء للبحر للحب يمتلئُ جسدي بجرعةٍ من الطاقة الإيجابية وأبدأُ يومي وأنا متفائلة بما غردت فيروز أي كلماتٍ وأي ألحانٍ تلك التي صاغها الرحابنة أتليقُ تلك الرومانسية بصباح الانسان العربي!
اليوم وقد بثت إحدى المحطات اللبنانية أغنيتها أجراسُ العودة فلتقرع الآن الآن وليس غداً ، شهقتُ ولم تقوى أذناي على استنشاقها !
أتنقلُ بين محطات التلفزة تقاريرٌ اخبارية مختلفة عن الأقصى و الجبّارين - بالتشديد على الباء - ردود أفعال اعلامية متشابهة معظمها متفائلة بأن المقاومة لن تصبح فعلا ماض وإنما حية بقلوب أبناءها ، أستمرُ بالتنقل بين المحطات لأمكث في محطة تبث خبرا عن تعزية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ل نتنياهو بمقتل الشرطيين الاسرائيليين ، تسافرُ ذاكرتي عبر الزمن وتستقر يوم وفاة شمعون بيريز مازالت دموع عباس حتى تلك اللحظة راسخةً بذاكرتي ومازالت جملته التي عزى بها تقرعُ في رأسي "كان شمعون شريك صنع سلام الشجعان" يومها اُطلقت رصاصات غضب الشعوب العربية على عباس وكأنه الزعيم العربي الوحيد الذي شارك ما تسمى "إسرائيل" عزاءها وكأنه المعني الوحيد بقضيتنا الفلسطينية !
اليوم أيضا كل الرصاصات على عباس وحده وتتجاهل الشعوب بقية الزعماء العرب ممن يضعون رؤوسهم في التراب ويتركون كرامة شعوبهم عاريةً في مهبِ الاحتلال والتطبيع !
نتنياهو بعدما تلقى رسائل التعزية من زعماء الأمة العربية بادر بالرد عليهم بمنع المصلين ، وفتح السياحة أمام وفود المطبعيين ! أغلق الأقصى لأجل غير مسمى ومر اليوم الأول على إغلاق القبلة الأولى لأكثر من مليار مسلم بعد استباحة حرمته واعتقال إمامه وتطويقه بحراسة ٍمشددة ، مرَّ بهدوءٍ تام وبرودٍ لامثيل له.
أنتقلُ إلى قناةٍ أخرى تُعربُ المذيعة عن أسفها وتقرأ خبراً بأن مسيرة احتجاجية نظمها غاضبون ستكون في تمام كذا من مسجد كذا ومسيراتٌ أخرى في أماكن شتى ودولٍ متعددة .
أتساءلُ في ظل استسلام زعامات الأمة العربية المتخاذلة هل سَيُصغي الاحتلال لصرخات الشعوب وفي ظل استسلام السلطة الفلسطينية وبعد ركود حركة حماس التي دخلت في تفاهمات مع دحلان ،راضخةً طمعاً بإزالة الحصار عن قطاع غزة أملاً بتحقيق حياة أشبه بالكريمة لسكان القطاع .
أبناء الجبّارين ولهم من كنيتهم النصيب الكبير دقوا جرسَ المقاومة من جديد مؤذنين أيها الوطن العربي قبلتكم الأولى تستباح والاحتلال مازال يمارس الحفر بحثاً عن الوهم مازال ينتهكُ الحرمات ويخط المخطوطات ليثبت حقاً نسجته الأساطير الصهيونية جرس الجبّارين أنصتت له الشعوب العربية خاشعين ومازال في أذان زعماء الأمة وقراً عن سماعه ، والاحتلال يرد بأفعال أكثر شناعة .
وبعد كل عملية تبرهن ردود فعل الكيان الصهيوني أن أجراس العودة لن تُقرع ويبرهن لنا الخنوع العربي أن الأنظمة مازالت تتمسحُ بالكيان كالقطة الجائعة .
أعودُ مجدداً للمحطة اللبنانية وإذ بفيروز انتهت من أجراس العودة فلتقرع وانتقلت لأغنية "عَتّم يا ليل عَتّم أكتر" أتساءلُ مجدداً منذ 1948م ومع غياب شمس الحرية هل انقشع الليل عن الأمة العربية !
عذراً فيروزُ ومعذرةً أجراسُ العودة لن تُقرع ، عذراً فيروزُ وعذراً نزار قباني وعذراً للرحابنة وحدها كلماتُ مظفر النواب تليقُ بصباحنا العربي الأكثر بذاءة ليت الرحابنة لحنوا قصيدة القدس عروس عروبتكم أو القمم أو الحانة القديمة وحده مظفر يليقُ بنا.