مسيرات العودة مقاومة كبار لا يموتون وصغار لا ينسون
مساء كل جمعة تفوح أخبار الصحف العربية برائحة الدم الزكية وهي تزف أخبار استشهاد المقاومين وجراح المصابين في مسيرات العودة المستمرة منذ عشرة شهور والمتممة لتسعة وثلاثين أسبوعاً على التوالي مسطرةً مقاومة تواقة لطهر الأرض المحتلة متشبثة بحق العودة مربكة للإحتلال الإسرائيلي الذي مازال حتى اللحظة يشوه وجه المسيرات عبر وسائله الإعلامية واصفها أمام المجتمع الدولي بالإرهابية والمُعيقة ، رغم أنها لم تحشد إلا الفلسطينيين العزل والمجردين من أي سلاح إلا سلاح الحق المغتصب والروح التي تأبى الخضوع والذاكرة الحديدية التي مازالت تحمل قضيتنا الفلسطينة بأدق تفاصيلها التاريخية من جيلٍ إلى جيل حافرةً التاريخ في ذاكرة الصغار حتى لاينسون ما رسمه الكبار من أحلام العودة التي يعتقد الكيان الصهيوني أنها تكسرت على صخرة الغطرسة والطغيان .
فأجراس العودة التي أخرسها الاحتلال من أن تدق في كنائس القدس أمست تدق في ليالي الحالمين الذين يعدون عدتهم كل جمعة ليدقوا ناقوس الخطر ، وأصوات المآذن التي حال الاحتلال دون أن تصدح ، باتت تصدح في صدور المقاومين أن حيّ على المقاومة وحيّ على فلاح الصمود ، في الوقت الذي يبث العاجزون رسائلهم المحبطة للتثبيط من عزيمة المحتشدين بأنه لا جدوى من المسيرات إلا تزايد أعداد الشهداء وجرحى يملؤون أسرة المستشفيات وأم ثكلى ملتاعةٌ على ولدها وأرملة وُعد فقيدها بحورٍ عين ، ويتامى حُرموا كلمة « يابا» وآباءٌ زفوا فلذات أكبادهم إلى عروسهم فلسطين التي لا يكتمل مهرها إلا بدماء أبنائها .
الافتقاد والألم والحزن واللوعة هو جُل القضية إن لم نفقد ونضحي بأغلى ما نملك لن نسترجع أغلى ما كنّا نملك ، فطالما المقاومة حية سيظل أنين الحق يُدوي حتى يرجع لأصحابه . فلسطين باقية طالما أن شعبها المغوار ونساءها الولّادات يُنجبن أمثال باسل الأعرج و الجبارين ممن قضوا نحبهم ، لابد للقدر أن يستجيب ولابد لأجراس العودة أن تقرع ليس الآن ربما غدا أو بعد غد ، طوبى لكم أيها الشعب العظيم الذي لم يتأثر بانشقاق حماس وفتح ولم يرضخ ويقاوم رغم ما تُحيكه الصهيونية وأذيالها من أمثال ترمب ، يقاوم أعزلاً ويطمح بفجرِ حرية يشق سرمد الظلمة الحالكة ببياض كبياض زهر اللوز أو أبعد . رابطوا وقاوموا حتى يعود الحق فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى.