قدّيش بتدفعوا؟
آخر زيادة راتب حصل عليها موظفو القطاع العام كانت قبل 8 سنوات ،يعني لو أن الزيادة «مولود» لأصبحت الآن «طالعة ع الصف الثالث ابتدائي» ومنذ ذلك التاريخ لم تفرح كشوفات الرواتب بأي تعديل يذكر ولم تثر اهتمام أي حكومة حتى للإطلاع والمعرفة كيف يعيش أبناء أكبر قطاع في الدولة ، ومنذ 8 سنوات عدّوا على أصابعكم كم ارتفاع على الأسعار جرى وكم ضريبة فرضت وكم رسوم استحدثت وكم تحرير مظفّر للمحروقات قامت به الحكومات وما رافقه من ارتفاع جوانب المعيشة المختلفة بدءاً من علبة السجائر إلى إيجار الشقة التي يسكنها الموظفّ..والراتب هو هو ، حتى ماكنة الصرّاف الآلي حفظت الراتب غيباً ما أن تضع بطاقة البنك وقبل ان تكتب الرقم السري حتى ترمي لك « 5 خمسينات ،9 عشرينات ،وعشرة..ثم تدور قليلاً بالشفرات الفارغة أحياناً تخرج دينارين أخضرين وأحياناً تقول لك الرجاء سحب البطاقة وقبّ عن وجهي»..
طيب في ظل هذا الانتفاخ في الأسعار و»الفشّ» بقيمة الراتب ونمو العائلة وازدياد حاجة الأولاد ماذا عسى موظف القطاع العام ان يفعل حتى يتدبّر أموره آخر الشهر؟.. خياران لا ثالث لهما : إما أن يمدّ اليدّ للاستقراض والاستدانة، وإما أن يمدّ يد للرشوة أو ما تسمّى من باب التلطّف «حلوان» المعاملة.
رئيس هيئة مكافحة الفساد الباشا محمد العلاف قال قبل يومين في جلسة حوارية أن (( الرشوة في توسع)) وهذا أمر طبيعي ونتيجة حتمية لصنيعة الحكومات التي حاولت تحميل الموظف البسيط كل عجزها السابق و»خربطات ادارتها» وفساد بعض مسؤوليها ليقوم أبو الـ»400» ليرة بالسداد عن دولة بأكملها..من الطبيعي يا باشا أن الرشوة في توسّع ماذا تتوقّع في ظل هذا الغلاء وقلة المدخول ان ننثر «الشلونة» على رؤوس الجبال للطير والهوام حتى تتسبب؟!..وأنت تعرف أن الراتب الحكومي «مثل صوص المزارع أبو الشلن» لا يمكن يكبر او تتحسن صحّته ، فكيف تتأمل منه أن يبيض في يوم من الأيام فهذا الخيال بحدّ ذاته..
في إحدى الدول العربية...طالب الشعب رئيس الحكومة أن يقضي لهم على الفساد والرشاوى الذي نخر المؤسسات وتفشّى في الدوائر ومراكز الجمارك والحدود ...صمت دولة الرئيس قليلاً ثم قال لهم: قدّيش بتدفعوا؟؟