jo24_banner
jo24_banner

ماذا بوسع عبدالاله الخطيب ان يفعل ؟!

د. حسن البراري
جو 24 : كتب د. حسن البراري - منذ ان كلف الملك عبدالله الثاني الوزير الأسبق عبدالاله الخطيب برئاسة الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات والرجل منهمك بعمل دؤوب ومستمر لتحقيق هدف واحد وهو ضمان نزاهة الانتخابات، وقد تشكلت قناعة لدى الخطيب بأن القضية الوطنية الأولى هي استعادة ثقة المواطن بالعملية الانتخابية بصرف النظر عن موقفه من قانون الانتخابات. وللرجل تجربة واضحة ومشرفة في كل المواقع التي تسلمها وهو لا يقبل أن يلتصق اسمه بأي عملية تزوير لأن من شأن ذلك ان يفتح صندوق الشرور على مصراعيه، ولذلك فالخطيب ومن منطلق وطني بحت يبذل كل ما بوسعه لان تكون الاجراءات سليمة مع أنه يعرف جيدا ان هناك احتمالا لتجاوزات واخطاء هنا وهناك ولكن على رأيه لن تكون هذه التجاوزات والاخطاء بالجملة.

بصرف النظر عن الغرض من المجلس النيابي السابع عشر وفيما إذا كان انتقاليا للتأسيس لتوافقات وطنية وخلق شروط التشاركية للجميع، فإن نزاهة الانتخابات يجب ان تكون الخط الأحمر والمقدس الذي نحرص عليه جميعا. طبعا لا يمكن تحميل الهيئة المستقلة للانتخابات مسؤولية قانون الانتخابات الاقصائي ومن ثم ننظر بايجابية شديدة لفكرة وجود هيئة مستقلة للاشراف على الانتخابات ونتطلع بايجابية لتجربتها الأولى.

على ان الأمر لا يتوقف عند الهيئة المستقلة ورئيسها ، وبالتالي لا بد من تضافر كل الجهود لضمان نزاهة الانتخابات. وهنا نشير إلى تقصير واضح للاجهزة الرسمية في التعامل مع المال السياسي الذي هو الفيصل في المعركة برمتها. فلغاية الآن لم تتمكن الاجهزة- وربما هي ليست راغبة- في التعامل بجدية مع الظاهرة التي اصبحت مخيفة، فلم يجر توقيف كبار الممارسين لشراء الاصوات من المترشحين المعروفين بايغالهم في توظيف المال السياسي لمدة ليست بسيطة!

ويبدو أن معركة الهيئة المستقلة مختلفة عن معركة الرسميين في مراكز القوى المختلفة، فالدولة بشكل عام تخشى من نسبة اقتراع متواضعة، وربما تغض الطرف عن مماراسات واضحة ومكشوفة من عدد معين من مترشحي المال السياسي خشية تراجع البعض عن الترشيح ما يفقد العملية زخمها، وبالتالي يبدو أن هناك قراءة ترى أن المطلوب رفع نسبة التصويت بأي ثمن . الا ان الخطيب والهيئة موقفهما ثابت وهو اجراء انتخابات نزيهة بصرف النظر عن نسبة الاقتراع.

لا أعرف كيف تعجز الاجهزة عن كشف بعض المترشحين المعروفين للقاصي والداني في توظيفهم البشع للمال السياسي! وهناك حفنة منهم تعتقد بأنها دخلت في معركة مع المقاطعين وغيرهم اصطفافا مع الدولة وبالتالي لا يمكن وقفهم، واكثر من ذلك بعضهم يعتقد ان الدولة ستكافأهم على موقفهم المؤيد لقانون الانتخابات. وما من شك سيكون لنجاحهم في ظل استمرار التغاضي الرسمي عن ممارساتهم سيطرح علامة سؤال كبيرة على نزاهة انتخابات تجهد الهيئة المستقلة ورئيسها الخطيب أن تكون كذلك.

عندما يقوم أحد المترشحين بحجز بطاقات انتخابية فهذه مخالفة يعاقب عليها القانون وعندما يتبرع مرشح لجميعة او لنادي مبلغ من المال وتقوم الهيئة الادارية لذلك النادي بالتسجيل بحزب المتبرع فهذا ايضا توظيف بشع للمال واستغلال حاجات الناس لاغراض انتخابية. هل هناك صعوبة لضبط هذه الحالات؟ طبعا لا، لكن المحزن أن القانون يطبق على مترشحين هامشيين قاموا بشراء اصوات، مع أنه من المفروض ان رئيس الحكومة يعرف بأن بيع وشراء الاصوات يتم من قبل مترشحين من العيار الثقيل وصل الامر الى درجة من القبح وكأننا في سوق نخاسة اذ يباع الصوت مرة ومرتين!

ليس دفاعا عن عبدالاله الخطيب، فالرجل يقوم بمهمة وطنية من طراز رفيع وتصب في صلب الامن الوطني الاردني، لا يجوز السماح لمراهقي السياسة والفاسدين بضرب العملية الانتخابية في مقتل ! فمع قدوم عدد كبير من المراقبين الدوليين ومع اعتراف الدولة بأن تزوير الانتخابات كان سنة غير حميدة فإن سمعة الاردن على المحك، فهل يستوعب الرسميون بأن استعادة ثقة المواطن الاردني تتطلب من جملة ما تتطلب لجم المال السياسي وزج اصحابة في السجون، فهذه فئة من الانتهازيين الذين من اجل الوصول الى البرلمان والتمتع بحصانات لا يأبهون بشيء اسمه ضرورة ان يثق المواطن بمؤسسات دولته، مثل هؤلاء هم عبء على السيستم وعلى البلد!

ربما على الرسميين ان يتنبهوا الى مسألة هامة تتعلق بصورة مجلس النواب في اليوم الذي يلي الانتخابات، صحيح ان هناك قوى ستبقى خارج المجلس تطالب باسقاطة لكن الطامة الكبرى ستحدث في حال تكوّن انطباع بان الناجحين بالانتخابات جاؤا بفعل المال السياسي وشراء الذمم وبتواطيء رسمي، عندها سينضم عدد كبير من الراسبين للحراك لأن احدا منهم لن يقتنع بأنه خسر الانتخابات بلعبة عادلة وانما نتيجة سطوة المال السياسي. اما لو تمكنت الدولة من زج الاسماء الثقلية التي نعرفها بالسجون قبيل عملية الانتخابات فإن أي ادعاء بالتلاعب بالانتخابات من قبل المترشحين او الناخبين لن يجد اذانا صاغية.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير