إخوان الأردن: للحوار مع التيارات المحلية
ناهض حتر
جو 24 : فشلت قيادة الإخوان المسلمين في حشد أكثر من 2000 مشارك لفعالية " جمعة الشرعية الشعبية" في 18 كانون الثاني الحالي؛ كان المسرح ( بتجهيزات لوجستية كاملة باهظة التكاليف) معدا لاستقبال عشرات الآلاف، لم يحضروا، بل إن العديد من أعضاء وأنصار الإخوان لم يستجيبوا للتحشيد المكثّف الذي سبق الفعالية. ولم يدفع هذا الفشل بالقيادة الإخوانية للتأمل، بل إلى التصعيد، والكشف عن شعار إقامة دولة دينية، حلّ محل شعار الشعارات المدنية والليبرالية. وسيكون على حلفاء الإخوان، خصوصا الرئيس أحمد عبيدات وصحبه، أن يحددوا موقفهم الصريح: هل يريدون، هم أيضا، إقامة دولة دينية؟
الإجابة مهمة بالنسبة للرأي العام، لكنها غير مهمة إطلاقا بالنسبة للقيادة الإخوانية التي قررت في تعميم تسرّب أن الإخوان موكلون " بالمسؤولية الشرعية عن قيادة الشعب الأردني". ويفصح هذا الإعلان عن منهج معاد للتعددية والديموقراطية؛ ف"المسؤولية الشرعية" تجبّ سواها من الشرعيات الأدنى كالشرعية الدستورية والانتخابية والثورية إلى آخره من الشرعيات بما فيها "الشرعية الشعبية" التي رفعها الإخوان شعارا دعائيا، وتحصر حق القيادة بتنظيم حاصل على التفويض الإلهيّ. وهنا ينتهي أي فارق من أي نوع بين خط الإخوان وخط السلفية الجهادية.
ليس كل الإخوان ممن يسيرون في هذا الخط، ولذلك لم تستجب فئات عديدة منهم للمشاركة في فعالية صممها المتطرفون، كذلك، فإن روح "وثيقة زمزم" التي تبناها قادة إخوانيون من أعضاء "المبادرة الوطنية للبناء" تحث على الانخراط في الجهد الإصلاحي الوطني والاجتماعي والتنموي في البلاد من موقع القبول بالآخر وبالمؤسسات والشرعية الوطنية والدستورية. وهذه اللوحة المعقدة تستوجب من جميع الأطراف الوطنية، المبادرة إلى حوار حيّ مع الاتجاهات المحلية والديموقراطية في صفوف الإخوان، وتشجيعها ـ من دون التدخل في شؤونها ـ على صوغ برامج سياسية مدنية ووطنية، وإقامة تحالفات جديدة، وتبني مقاربات جديدة للعمل السياسي في البلاد.
ليس الفشل المدوي لجمعة " الشرعية الشعبية" فرصة للشماتة بالإخوان، وإنما لحظة لإعادة الحسابات، والتفكير مليا بأن المضي وراء المتطرفين سينتهي بعزلة الحركة الإخوانية، بكل اتجاهاتها، شعبيا وسياسيا.
والمتطرفون الإخوانيون صنفان متحالفان، لكنهما ليسا شيئا واحدا؛
(1) الصنف الأول يتكون من الأصوليين القريبين إلى التيار السلفي الجهادي، مما يظهر في دعوتهم لإقامة الدولة الدينية التي بشّر بها همّام سعيد، علنا، من منبر "جمعة الشرعية الشعبية" من دون أن يلاحظ أن مبدأ الدولة الدينية القائمة على الحق الإلهي لا يعترف، بل يتناقض مع مبدأ الشرعية الشعبية القائمة على الحق المدني الطبيعي.
(2) الصنف الثاني، وهو صنف شديد البراجماتية، ولكن ارتباطه بالأجندة الإقليمية المعادية للدولة الأردنية وكينونتها وهويتها الوطنية، يدفعه للإفادة من الأصوليين للتصعيد والتوتير بهدف الاستيلاء على سلطة الحكم ( عبر حكومة برلمانية أو حتى بصورة مباشرة ) في الأردن، في سياق التفاهم مع الولايات المتحدة للتوصل إلى حل حمساوي للقضية الفلسطينية.
عدا عن هذين الصنفين المطلوب عزلهما، توجد شخصيات إخوانية تقليدية محترمة لدى الأردنيين، ومعتدلون وسطيون، ووطنيون إصلاحيون كما هو حال جماعة المبادرة الوطنية للبناء ( أصحاب وثيقة زمزم). ولعل الانفتاح على التقليديين والمعتدلين والوطنيين، أن يكون مهمة كل من أهل النظام وأهل الحركة الوطنية واليسارية والقومية، في المرحلة المقبلة، بما يسمح بالتوصل إلى إجماع وطني حول متطلبات التغيير في بلدنا.العرب اليوم
الإجابة مهمة بالنسبة للرأي العام، لكنها غير مهمة إطلاقا بالنسبة للقيادة الإخوانية التي قررت في تعميم تسرّب أن الإخوان موكلون " بالمسؤولية الشرعية عن قيادة الشعب الأردني". ويفصح هذا الإعلان عن منهج معاد للتعددية والديموقراطية؛ ف"المسؤولية الشرعية" تجبّ سواها من الشرعيات الأدنى كالشرعية الدستورية والانتخابية والثورية إلى آخره من الشرعيات بما فيها "الشرعية الشعبية" التي رفعها الإخوان شعارا دعائيا، وتحصر حق القيادة بتنظيم حاصل على التفويض الإلهيّ. وهنا ينتهي أي فارق من أي نوع بين خط الإخوان وخط السلفية الجهادية.
ليس كل الإخوان ممن يسيرون في هذا الخط، ولذلك لم تستجب فئات عديدة منهم للمشاركة في فعالية صممها المتطرفون، كذلك، فإن روح "وثيقة زمزم" التي تبناها قادة إخوانيون من أعضاء "المبادرة الوطنية للبناء" تحث على الانخراط في الجهد الإصلاحي الوطني والاجتماعي والتنموي في البلاد من موقع القبول بالآخر وبالمؤسسات والشرعية الوطنية والدستورية. وهذه اللوحة المعقدة تستوجب من جميع الأطراف الوطنية، المبادرة إلى حوار حيّ مع الاتجاهات المحلية والديموقراطية في صفوف الإخوان، وتشجيعها ـ من دون التدخل في شؤونها ـ على صوغ برامج سياسية مدنية ووطنية، وإقامة تحالفات جديدة، وتبني مقاربات جديدة للعمل السياسي في البلاد.
ليس الفشل المدوي لجمعة " الشرعية الشعبية" فرصة للشماتة بالإخوان، وإنما لحظة لإعادة الحسابات، والتفكير مليا بأن المضي وراء المتطرفين سينتهي بعزلة الحركة الإخوانية، بكل اتجاهاتها، شعبيا وسياسيا.
والمتطرفون الإخوانيون صنفان متحالفان، لكنهما ليسا شيئا واحدا؛
(1) الصنف الأول يتكون من الأصوليين القريبين إلى التيار السلفي الجهادي، مما يظهر في دعوتهم لإقامة الدولة الدينية التي بشّر بها همّام سعيد، علنا، من منبر "جمعة الشرعية الشعبية" من دون أن يلاحظ أن مبدأ الدولة الدينية القائمة على الحق الإلهي لا يعترف، بل يتناقض مع مبدأ الشرعية الشعبية القائمة على الحق المدني الطبيعي.
(2) الصنف الثاني، وهو صنف شديد البراجماتية، ولكن ارتباطه بالأجندة الإقليمية المعادية للدولة الأردنية وكينونتها وهويتها الوطنية، يدفعه للإفادة من الأصوليين للتصعيد والتوتير بهدف الاستيلاء على سلطة الحكم ( عبر حكومة برلمانية أو حتى بصورة مباشرة ) في الأردن، في سياق التفاهم مع الولايات المتحدة للتوصل إلى حل حمساوي للقضية الفلسطينية.
عدا عن هذين الصنفين المطلوب عزلهما، توجد شخصيات إخوانية تقليدية محترمة لدى الأردنيين، ومعتدلون وسطيون، ووطنيون إصلاحيون كما هو حال جماعة المبادرة الوطنية للبناء ( أصحاب وثيقة زمزم). ولعل الانفتاح على التقليديين والمعتدلين والوطنيين، أن يكون مهمة كل من أهل النظام وأهل الحركة الوطنية واليسارية والقومية، في المرحلة المقبلة، بما يسمح بالتوصل إلى إجماع وطني حول متطلبات التغيير في بلدنا.العرب اليوم