تراجع صادرات التعدين
يكتسب قطاع التعدين أهمية خاصة في الاقتصاد الوطني، فهو ثروة طبيعية محلية. وباعتباره صناعة استخراجية، فإن القيمة المضافة فيه عالية جداً، وأعلى من أي قطاع آخر.
ومع أن مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي ما زالت متواضعة ولا تزيد عن 5ر3% فإنه يحمل إمكانيات توسع كبيرة، كما أنه مخصص للتصدير وبذلك يكسب عملات أجنبية تعزز احتياطي المملكة من العملات الأجنبية، ويوظف أعداد كبيرة من مختلف فئات القوى العاملة.
وقد زادت أهمية هذا القطاع بارتفاع أسعار الفوسفات والبوتاس والأسمدة في العالم، وخاصة في الهند والصين، اللتين تسعيان لتوفير الغذاء لفئات اجتماعية واسعة ارتفع مستوى معيشتها وزاد طلبها على الاستهلاك.
شركات البوتاس والفوسفات جرى خصخصتها بإدخال شريك استراتيجي ليملك أقلية في رأس المال ولكنه يوفر الإدارة الحديثة وعمليات التسويق في السوق العالمية. وقد تحولت هذه الصناعة إلى قصة نجاح بعد سنين طويلة من الخمول.
هذا في الجانب الإيجابي، أما في الجانب السلبي، وهو بيت القصيد، فإن صادرات هذا القطاع حققت في السنة الأخيرة نموأً سالباً، إذ أن إحصاءات الثلاثة أرباع الأولى من سنة 2012 تدل على أن صادرات الفوسفات هبطت 1%، والبوتاس 6ر7%، والأسمدة 2ر9% مما أثر على قطاع التصدير بأكمله فأظهر تراجعاً عن المستوى الذي كان قد تحقق في نفس الفترة من السنة السابقة.
لا توجد أسباب حقيقية تقف في وجه النمو الإنتاجي والتصديري للبوتاس والفوسفات، فالخامات متوفرة، والطلب في الأسواق العالمية مرتفع، والضرائب المحلية منخفضة، وتتمتع الصادرات الوطنية بإعفاءات ضريبية.
هل يعود التراجع إلى هبوط الروح المعنوية للإدارة والعاملين بسبب الاتهامات الطائشة بالفساد التي لا توفر أحدا، أم يعود إلى اعتصامات المتقاعدين السابقين الذين وجدوا في الظروف الراهنة فرصة لابتزاز الشركات؟ أم أن الشريك الاستراتيجي وجد أنه ليس من مصلحة الشركة الأجنبية الأم أن تتعرض للمنافسة في أسواقها التقليدية.
الأرباح الكبيرة التي تحققها شركات التعدين لا تعود لزيادة الإنتاج أو خفض التكاليف، بل إلى ارتفاع الأسعار العالمية، وهي حالة قد لا تستمر طويلاً، فلا بد من الاستفادة من هذه الفرصة، خاصة وأن هذه الشركات مرشحة للخضوع لرسوم تعدين أعلى، وضريبة دخل بمعدل مضاعف، مما يفرض عليها العمل بكفاءة عالية.
(الراي )