2024-05-14 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

عمّان الجديدة.. الملقي وتجنيد الإعلام

عمّان الجديدة.. الملقي وتجنيد الإعلام
جو 24 :
 كتب تامر خرمه-

"الحقيقة هي أكبر عدوّ للدولة".. بهذه العبارة لخّص جوزيف غوبلز، وزير إعلام ألمانيا النازيّة، ذات يوم، أهميّة البروباغاندا في طمس الحقائق وتزييف الوعي، وضرورة تسخير وسائل الإعلام لنشر أوهام الدولة التوتاليرية على أنّها حقائق، بهدف قيادة قطيع من البشر إلى مصير توهموا أنّه قدر، فرضته إرادتهم الحرّة.

كانت هذه المقاربة ناجحة إلى حدّ كبير في كثير من الدول الفاشيّة، حيث استسلم الوعي الجمعيّ لوسيلة الدعاية المباشرة، عبر وسائل الإعلام، وترديد ما هو أبعد ما يكون عن الواقع آلاف المرّات، حتّى يصبح حقيقة في أذهان الناس. هذا صحيح، تلك المقاربة كانت ناجحة في ذلك الزمن، وفي تلك الدول على وجه التحديد.

ولكن الطريف أن تحاول بعض وسائل الإعلام اللجوء إلى ذات المقاربة في هذا العصر، وفي بلد كالأردن، عبر محاولة يائسة لتصوير رئيس الوزراء، د. هاني الملقي، على أنّه الصنديد الذي يمتلك برنامجاً "شموليّاً" للإصلاح، والقادر على "تطبيق القانون على الجميع بعدالة"!

أيّة عدالة تلك التي سيدشّنها الملقي ببناء مدينة حكوميّة -لا داعي ولا مبرّر لها- على حساب رفع الدعم عن الخبز والمواد الأساسيّة الأخرى؟ يبدو أن استدعاء الرجل لعدد من الصحافيّين للقائهم في دار الرئاسة، حمّسهم لدرجة فقدوا فيها احترام عقول الناس، فسنّوا ما تيسّر من أقلام، لتلميع الرئيس، وتصوير سياساته غير الشعبيّة، على أنّها سبيل الخلاص.

المقالات الإنشائيّة تحدّثت عن معركة بدأ الملقي بمحاولة حسمها ليسجّل سبقاً تاريخيّاً. ترى أهي معركة الليبراليّين ضدّ الغالبيّة العظمى من أبناء الشعب؟ أم هي معركة المرتهنين للمؤسّسات الماليّة الدوليّة، في مصادرة آخر ما تبقّى في جيوب الناس؟! الطريف أن هذه المقالات اقتبست عن الرئيس قوله: "الوضع دقيق والناس حميانة"، في ذات السياق الذي حاولت فيه تصوير المطبخ الاقتصادي على أنّه "لم يظهر غربة عن الشارع"!

هل هنالك "غربة" أكثر ممّا تعيشه هذه الحكومة، التي لم تنحرف قيد أنملة خلال دورانها في فلك كبار الأثرياء، والشركات العملاقة، التي باتت تتحكّم في واقع ومصير البلاد، دون أخذ إرادة الناس بعين الاعتبار؟

بعد تفريغ "العبدلي" من تاريخه وعبقه الشعبي عبر ابتكار "البوليفارد"، بدأ الترويج اليوم عبر وسائل الإعلام لمشروع "عمّان الجديدة"! بمعنى أن الانقسام الطبقي الهائل سيترجم إلى انقسام جغرافيّ يتجاوز ما كنّا نعرفه بـ "عمّان الشرقيّة و عمّان الغربيّة".

تغريب الأردنيين في بلدهم لم يكف أصحاب البيزنس الذي هيمنوا على كلّ شيء، بل حتّى وجود الناس في ذات المدينة التي يرغب الأثرياء بالتجوال بها، بات مزعجاً لهذه الطبقة، التي لا ترى في الفئات الشعبيّة سوى أدوات لتسمين الأرباح، و"جمل محامل" يمكن إرهاقه بالضرائب حتّى آخر قطرة عرق.

ترى، هل حقّاً يشعر رئيس الوزراء بعبء المسؤوليّة؟ أو لنقل "مسؤوليّة" تجاه من، عندما تكون مصلحة الأغلبيّة على هامش الاستثناء من توجّهات وسياسات الدوّار الرابع؟ أم أنّه العبء الذي فرضته طبقة القفّازات الباردة، على الشعب ودوائر صنع القرار على حدّ سواء.

على أيّة حال، في حال أصرّت بعض وسائل الإعلام على اللجوء إلى الدعاية المباشرة لتبرير سياسات وقرارات غير شعبيّة، فعلى الأقلّ يمكنها تذكّر مقولة أخرى لغوبلز: "البروباغاندا تعمل بشكل أفضل عندما يعتقد أولئك الذين يجري التلاعب بهم أنّهم يعملون وفق إرادتهم الحرّة"!
تابعو الأردن 24 على google news