"على قدّ المشنقة"
أحمد حسن الزعبي
وعندما علمت زوجته بتفاصيل الحادثة ، ذهبت إلى الحاكم "قراقوش" وطلبت ان تشنق الفتاة في نفس "السّقالة" التي سقط عنها زوجها لإحقاق الحقّ ..فأمر قراقوش بإحضار الفتاة والقصاص منها، وقبل ان ينطق بالحكم ،دافعت الفتاة عن نفسها والدموع تملأ عينيها قائلة :إن الذنب ليس ذنبها، وإنما ذنب الخياط "ملعون الحرسي" ، الذي حزّق ولزّق الفستان على جسدها ،واختصر منه ما اختصر من تحت الآباط والخصر، الأمر الذي لوح عقل "المرحوم" وأفقده توازنه ..فأخلى قراقوش سبيل الفتاة وأحضر الخياط..وقبل النطق بالحكم، دافع الخياط "معلون الحرسي" عن نفسه بمسكنة منقطعة النظير قائلا: الذنب ليس ذنبي يا مولاي ، بل ذنب التاجر الذي باعني قماشاً شفافاً "لاصقاً" لامعاً ومغرياً في نفس الوقت...حكّ قراقوش لحيته، ثم أفرج عن الخياط وأمر بإحضار التاجر على ان يتم شنقه بــ"السقالة" التي مات عليها الرجّل "أبو عين زايغة"..ولأن التاجر واصل وله اقارب متنفّذين هون وهناك قال ، سيدي وما علاقتي بالقماش ..اشنق صاحب المصنع الذي اشتري منه كل "غزلي ونسيجي"، فأمر قراقوش..أن يحضروا صاحب المصنع وان يشنقوه بــ"السقالة" دون السماع لإفادته...وبالفعل احضروا الرجل ليشنقوه فوجوده أطول من "السقالة" ، فالحبل في رقبته و رجلاه تلامسان الأرض وتقفان عليها بثبات ..فراجعوا قراقوش في الأمر ، تنهدّ الوالي ومسح وجهه بالرحمن وقال : ((اقبضوا على أول رجل قَصِير القامة واشنقوه لكي تتحقق العدالة)) ..فجاؤوا برجل طوله شبر ونصف وشنقوه..احتج المارّة متسائلين "ما ذنب هذا الرجل "المدندل" حتى تشنقوه"؟؟ فردّ من قام يتنفيذ الحكم وهو يلملم حباله وأدواته وكرسي الشنق : (ذنبه انه طلع ع قدّ المشنقة)...
**
المشكلة عندنا، اننا الى الآن لم نجد احد من الفاسدين ع قدّ المشنقة..فجميعهم يتمتعون بقامات طويلة طويلة طويلة..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
(سواليف)