الخصاونة من أوهام الولاية العامة الى تيه "الانتخاب" .. هناك ما يدعو للضحك
كتب إبراهيم قبيلات - لم يشفع للرئيس القاضي الدولي (..) عون الخصاونة غناؤه على أوتار قانون انتخاب 89، فقد خرج مشروع قانون مختلف من مكتبه وأعلنت معظم القوى الوطنية رفضها له .. المشروع رفض حتى من تلك القوى التي ظل يغازلها الرئىس وتغازله طوال الشهور التي مضت من عمر حكومته المديد..
منذ تكليفه منتصف تشرين أول من العام الفائت تعثر القاضي عون بالعديد من الملفات. هو مشهد شكل تراكميا أزمة ثقة بينه وبين مؤسسات المجتمع المدني: "الحكومة غير مؤهلة لأخذ البلاد والعباد الى بر الامان". تقول هذه المؤسسات والقوى. لكن لماذا؟
تدريجيا بدا أن أزمة الثقة بدأت تحيط بعلاقات الرئيس مع شارع شعر بالتفاؤل لجلوس قاضٍ دولي من نوع رفيع على سدة الرئاسة، ساعده بذلك تَغْذِية الشعور الشعبي بتصريحات كانت رنانة في حينه، لكنها اليوم لا تفهم إلا في سياق الطرافة. فمن الولاية العامة، إلى قضايا التجنيس، إلى تصريحات ارتقى فيها عن سقف المعارضة في ملفات بيع مؤسسات الوطن الانسان، والمسائل المتعلقة بحقوق الانسان واي حقوق انسان وقد شهد القاضي الدولي وربما شارك في قرار اعتقال وتعذيب المعتقلين من احرار الطفيلة والدوار الرابع ..
في البداية، لم يبخل الرئيس على شارع ظمآن بتصريحات ذات شأن. كانت أولاها في مجلس النقباء، عندما نفض الغبار عن أكثر القضايا جدلاً في الشارع: "فقرار إبعاد حركة قادة حماس من الأردن خطأ دستوري وسياسي". والتصريح للخصاونة.
أما الولاية العامة التي بدا القاضي مسكوناً بها فقد صرح الرئيس في اكثر من مناسبة بضرورة عودتها إلى حضن الحكومة، كما أكد انه سيعيد النظر في ملف الخصخصة برمته.
لم تتوقف تصريحات الرجل عند هذا الحد، فقال في إحدى المناسبات ايضا إن حكومته تدرس الإفراج عن المحكومين السياسيين في السجون الأردنية،(هو اعتراف بوجود معتقلين سياسيين لم يفرج القاضي عنهم لاحقا).
لكن شهر العسل الذي كان يعتقد أنه سيكون طويلا نسبيا، انطفأ سحره بخبر يقول: إن الرئيس يرغب في تعديل المادة 74 من الدستور التي تحرم رئيس الحكومة التي تستقيل بعد حل البرلمان من تشكيل الحكومة التالية.
منذ البداية، قرأ سياسيون اعترف الرئيس أنَّ حكومته لا تملك حلولاً سحرية جاهزة، ولن تنزلق في اعطاء وعود لا تستطيع الوفاء بها، بالتالي: إنه اعتراف "مدفوع مسبقا" بإفلاس سياسي وعدم قدرة على إدارة شؤون البلاد.
ورغم ذلك، ورغم حذر الخصاونة من إطلاق وعود لا يستطيع تنفيذها، إلا أن وسائل الإعلام نقلت عنه وعود بـ "تحقيق إصلاح اقتصادي، ابتداء من الاستقرار المالي النقدي، وانتهاءً بدعم كل قطاعات الإنتاج الزراعية والصناعية والسياحية، ومروراً بتنشيط البيئة الاستثمارية، وإعداد الخطط التنموية وبرامج التأهيل والتدريب التي ستشمل حتى ذوي الاحتياجات الخاصة، وحل مشكلات الفقر والبطالة". بالنسبة لهذه التصريحات فان الخصاونة سيحول الاردن الى سويسرا العرب. وهو مالم يتحقق منه شئ فخزينتنا خاوية تصفر فيها الريح ووزير ماليته يصرح في واشنطن اننا مفلسون ووضعنا بالويل ..
وفي كل مرة ، يصرّ على إيقاظ الناس من أحلام يقظتهم. حين اصطدم وتوصيات لجنة الحوار الوطني المشكلة بتوجيهات ملكية. هي ذات التوصيات التي نالتها تصريحات قاسية على لسان الخصاونة الذي تبرأ منها في أول مناسبة له مع أعضاء اللجنة أواخر آذار من العام الفائت.
اللقاء كان منتظرا، وكان أعضاء اللجنة يريدون من الرئيس ان يقول لهم ما يشبع غرور عملهم اشهرا تحضيرا لنتائجها. لكن الخصاونة يفاجئ الجميع: "إن توصيات اللجنة غير ملزمة للحكومة وقد اطلعنا عليها ونحن غير ملزمين باعتمادها فقد أخذنا منها ما نريد، كاستبعاد الصوت الواحد والدائرة الوهمية". فهل هو غياب للبوصلة؟.
وبعيدا عن التصريحات لم تكن ممارسات الحكومة أقل فوضى.. والشاهد الغبار العنيف الذي خلفه الارتباك الحكومي في ملف فصل ودمج البلديات.
"ما أشبه اليوم بالبارحة"، فأخطاء حكومة البخيت السابقة تكاد تنسحب على الحالية، حيث أن ملف فصل ودمج البلديات الذي فجر غضب الشارع وأسس لسياسة حرق الإطارات في الشوارع، ما زال يهدد بتفجير ألغام في وجه حكومتنا حتى اليوم.
لم يطل الامر كثيرا حتى فاجأ الخصاونة مريديه من جديد، فالحكومة التي أعلنت عن رفعها تعرفة فاتورة الكهرباء ترجع عن قرارها بعد ضغوطات شعبية ظهر للحكومة بأنها ستكون متنامية وذات ارتدادات وخيمة.
إذاً، تعثرت الحكومة في ملف تعرفة الكهرباء، كما تعثرت في ملف لجنة الحوار، وقبلها في موضوع تعديل المادة 74 من الدستور.
هو ارتباك حكومي يشير إلى عدم انسجام تجلى بـ"فضايح" وتصريحات متناقضة للرئيس وبعض من فريقه الوزاري.
وزراء الخصاونة لم يكونوا أقل ارتباكا سواء حول الإصلاح ومشروع قانون الهيئة المستقلة للانتخابات، او فيما يخص انفعالات وعواطف أدلى بها وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة في سياق تصريحات حكومية؛ لتكسب ثقة الشارع المنفعل أصلاً.
تصريحات (حاجة جميلة)
على أية حال فإن مسلسل التصريحات "الطريفة" للخصاونة بقيت تشكل مادة للحوار بين المعارضة وفي الشارع. ففي تصريح آخر حول سياسة الحكومات السابقة من الخصخصة اعتبر القاضي "ان ما تم من خصخصة لبعض الشركات كان بمثابة نهب للمال العام"، ولم يتردد في القول ان حكومته تدرس إعادة شركات تمت خصخصتها.
هي "طرافة" يراها البعض تطفو على حديث الخصاونة الرسمي، ففي معرض حديثه عن سحب الجنسيات، استخدم مفردات "المعارضة" في وصف حال مواطنين "ناموا اردنيين واصبحوا بلا حنسية".
لم يكن الخصاونة يعلم ان مستقبل حكومته في اعين الشارع سيكون (طريفا) الى هذا الحد. بعد جنة الوعود التي اطلقها، وتخلى عنها او تناساها.
دعك من كل ذلك
دعنا من كل ما سبق.. لنحاول فهم التيه الحكومي فيما كان من تصورات لمشروع قانون الانتخاب ينتظر الجميع ان تقدمه الحكومة الى مجلس النواب؟
لا شيء يستحق التحليل والتوقف عنده طويلا .. فمشروع قانون الانتخاب حكاية تحوي تخبطاً وحيرة لا يمكن فهمها..
كان هناك لقاءات كثيرة في دار الرئاسة، وكان في المقابل تصريحات ذات سقوف وأشجان.. وما ظهر في حينه، أن الخصاونة في عباءة مشروعه سيسجل تاريخا متقدما لمشروع قانون يفخر به الاردنيون.
ماذا ظهر للأردنيين لاحقاً.. لا شيء يستحق الذكر.