دكتاتورية صغيرة نموذجية
ناهض حتر
جو 24 : لكي نعرف ما هي الطبيعة الحقيقية للسلطة الإخوانية، لسنا بحاجة إلى التنبؤ، بل لسنا بحاجة إلى قراءة النموذج المصري للدكتاتورية الإخوانية؛ فالنموذج موجود كاملا بين ظهرانينا في نقابة المهندسين الأردنيين.
في 15 تشرين الثاني الماضي، قرر مجلس النقابة الذي يسيطر عليه الإخوان، فصل 12 موظفا من دون إبداء الأسباب. لكن السبب معروف؛ فهذه هي الدفعة الأخيرة من موظفي النقابة غير الموالين للإخوان المسلمين سياسيا. لم تشفع لهم خدمتهم الطويلة المشرّفة، مهنيا وأخلاقيا، للنقابة، كما لم تنقذهم خبراتهم الفنية الممتدة على مدار 24 عاما من القرار السياسي بطردهم إلى رصيف البطالة.
مذ ذاك، حاول المفصولون، مرارا وتكرارا، مقابلة النقيب أو مجلس النقابة، لمعرفة حيثيات وأسباب القرار العرفي بالاستغناء الجماعي عن خدماتهم، ولكن من دون جدوى. فالنزعة الدكتاتورية لا تعرف الحوار، ويتملكها الغرور الكافي لإدارة الظهر للمحتجين. وحين تشكلت لجنة مؤازرة للمفصولين وتمكنت من اللقاء بالمجلس، لم تحصل منه سوى على الإجابات الغامضة والتسويف.
كانت الأسئلة بسيطة: ما هو مبرر القرار بالفصل الجماعي لموظفين فنيين معروفين بسيرهم المهنية والأخلاقية العالية؟ ولماذا لم تتضمن كتب الفصل، توضيحا لأسبابه؟ وكيف يتم الاستغناء عن هؤلاء الذين تفانوا في خدمة النقابة عقدين ونصفا، من دون حفل وداع أو كلمة شكر أو حتى الحظوة بلقاء النقيب؟
الدكتاتورية لا تُسَأل، ولا تقبل الاعتراض، وليس لأحكامها القارقوشية، استئناف!
لجأ المفصولون ـ كما هو ديدن الأردنيين هذه الأيام ـ إلى إقامة خيمة اعتصام في مجمع النقابات المهنية، زارها متضامنون كثر من المهندسين والمهنيين والنشطاء السياسيين والمثقفين، لكن مجلس النقابة لم يرفّ له جفن، ولم يتعاط مع الرأي العام النقابي إلا من موقع التجاهل والتعالي.
أخيرا، قرر مجلس النقباء، الخاضع، بدوره، للإخوان، إزالة خيمة اعتصام المفصولين، لكن التضامن المهني والحزبي، الواسع النطاق، مع المظلومين، أوقف تنفيذ القرار العرفي المتناقض ليس فقط مع القوانين السارية التي تكفل حق الاعتصام السلمي، بل مع أجواء الحريات التي تعيشها البلاد.
كيف سينفّذ الإخوان قرارهم ضد خيمة الاعتصام؟ لا استبعد استخدام العنف بالطبع، ولكن موازين القوى، لحسن الحظ، لم تعد تسمح لهم باستخدام القمع ضد الاحتجاجات الشعبية كما هو الحال في مصر وتونس ومناطق سيطرة المعارضة السورية.
كل المطلوب من اخوان نقابة المهندسين أن يقلّدوا الأداء الحكومي الذي بات يتعاطى مع المعتصمين المتظلمين بالحوار، ويسعى إلى التوصل إلى تسويات معهم، ويستبعد، في معظم الحالات المطلبية، تجاهل الاحتجاجات أو قمعها أو منع الاعتصامات.
ليس لدى مجلس نقابة المهندسين ما يقوله بشأن المفصولين مهنيا واخلاقيا. وقد يتذرع، كالليبراليين الجدد، بضغط النفقات، لولا أن هذه الحجة تسقط مع موجة من التعيينات الجديدة في النقابة ( صادف أنها كلها إخوانية) كما أنها لا تتسق مع التعيينات السياسية المتراكمة التي حولت جهاز " المهندسين" من حوالي 30 موظفا إلى أكثر من 300 موظف من الإخوان أو الموالين للإخوان.
لسنا، في النهاية، أمام حالة، ولكن أمام نموذج دكتاتوري في الحكم والإدارة، ما زال، للأسف، قادرا على تضليل بعض الناس ."العرب اليوم"
في 15 تشرين الثاني الماضي، قرر مجلس النقابة الذي يسيطر عليه الإخوان، فصل 12 موظفا من دون إبداء الأسباب. لكن السبب معروف؛ فهذه هي الدفعة الأخيرة من موظفي النقابة غير الموالين للإخوان المسلمين سياسيا. لم تشفع لهم خدمتهم الطويلة المشرّفة، مهنيا وأخلاقيا، للنقابة، كما لم تنقذهم خبراتهم الفنية الممتدة على مدار 24 عاما من القرار السياسي بطردهم إلى رصيف البطالة.
مذ ذاك، حاول المفصولون، مرارا وتكرارا، مقابلة النقيب أو مجلس النقابة، لمعرفة حيثيات وأسباب القرار العرفي بالاستغناء الجماعي عن خدماتهم، ولكن من دون جدوى. فالنزعة الدكتاتورية لا تعرف الحوار، ويتملكها الغرور الكافي لإدارة الظهر للمحتجين. وحين تشكلت لجنة مؤازرة للمفصولين وتمكنت من اللقاء بالمجلس، لم تحصل منه سوى على الإجابات الغامضة والتسويف.
كانت الأسئلة بسيطة: ما هو مبرر القرار بالفصل الجماعي لموظفين فنيين معروفين بسيرهم المهنية والأخلاقية العالية؟ ولماذا لم تتضمن كتب الفصل، توضيحا لأسبابه؟ وكيف يتم الاستغناء عن هؤلاء الذين تفانوا في خدمة النقابة عقدين ونصفا، من دون حفل وداع أو كلمة شكر أو حتى الحظوة بلقاء النقيب؟
الدكتاتورية لا تُسَأل، ولا تقبل الاعتراض، وليس لأحكامها القارقوشية، استئناف!
لجأ المفصولون ـ كما هو ديدن الأردنيين هذه الأيام ـ إلى إقامة خيمة اعتصام في مجمع النقابات المهنية، زارها متضامنون كثر من المهندسين والمهنيين والنشطاء السياسيين والمثقفين، لكن مجلس النقابة لم يرفّ له جفن، ولم يتعاط مع الرأي العام النقابي إلا من موقع التجاهل والتعالي.
أخيرا، قرر مجلس النقباء، الخاضع، بدوره، للإخوان، إزالة خيمة اعتصام المفصولين، لكن التضامن المهني والحزبي، الواسع النطاق، مع المظلومين، أوقف تنفيذ القرار العرفي المتناقض ليس فقط مع القوانين السارية التي تكفل حق الاعتصام السلمي، بل مع أجواء الحريات التي تعيشها البلاد.
كيف سينفّذ الإخوان قرارهم ضد خيمة الاعتصام؟ لا استبعد استخدام العنف بالطبع، ولكن موازين القوى، لحسن الحظ، لم تعد تسمح لهم باستخدام القمع ضد الاحتجاجات الشعبية كما هو الحال في مصر وتونس ومناطق سيطرة المعارضة السورية.
كل المطلوب من اخوان نقابة المهندسين أن يقلّدوا الأداء الحكومي الذي بات يتعاطى مع المعتصمين المتظلمين بالحوار، ويسعى إلى التوصل إلى تسويات معهم، ويستبعد، في معظم الحالات المطلبية، تجاهل الاحتجاجات أو قمعها أو منع الاعتصامات.
ليس لدى مجلس نقابة المهندسين ما يقوله بشأن المفصولين مهنيا واخلاقيا. وقد يتذرع، كالليبراليين الجدد، بضغط النفقات، لولا أن هذه الحجة تسقط مع موجة من التعيينات الجديدة في النقابة ( صادف أنها كلها إخوانية) كما أنها لا تتسق مع التعيينات السياسية المتراكمة التي حولت جهاز " المهندسين" من حوالي 30 موظفا إلى أكثر من 300 موظف من الإخوان أو الموالين للإخوان.
لسنا، في النهاية، أمام حالة، ولكن أمام نموذج دكتاتوري في الحكم والإدارة، ما زال، للأسف، قادرا على تضليل بعض الناس ."العرب اليوم"