نائب يسعى لرئاسة المجلس يعرض ٣٠ الف دينار للصوت !
يبدو أن لا حدود لمهزلة المال القذر الذي وظف في الانتخابات على اوسع نطاق ممكن ! وعلى نحو لافت كان التوظيف للمال السياسي سببا رئيسيا وربما وحيدا لوصول عدد لا يستهان به من شريحة- لا تستحق- لمجلس النواب. ويبدو أن التجربة الناجحة جدا للمال السياسي وشراء الذمم قد شجعت البعض لسحب النموذج و تكرار ذات المقاربة لكن - هذه المرة - في نطاق مجلس النواب للوصول إلى كرسي الرئاسة الثمين .
لم نستغرب عندما تناهى إلى مسامعنا أن أحد النواب- الذين نجحوا في الانتخابات بعد توظيف صارخ وفاضح لشتى أنواع المال السياسي- يفكر في شراء منصب رئيس مجلس النواب، ويفيد أحد النواب أن هذا النائب الطامح جدا لرئاسة مجلس النواب عرض عليه مبلغ ٣٠ ألف دينار لقاء الحصول على صوته في معركة رئاسة المجلس. ويفيد المصدر ان الطامح برئاسة مجلس النواب عرض مبلغ ٣٠ ألف دينار على عدد كبير حتى يضمن دعما له في معركة رئاسة المجلس القادمة. والقصة باختصار شديد هو أن هذا النائب من ضمن قائمة اثرياء المجلس الذين يزيد عددهم عن 30 مليونيرا.
يحق لأي نائب- بصرف النظر عن الطريقة التي وصل بها لمجلس النواب - المنافسة على رئاسة المجلس -وهذا طموح مشروع-، ولكن لا يجوز ابدا ان يلجأ بعضهم الى اسلوب شراء الذمم الذي يعمق الانطباع السلبي والصورة المعتمة السوداوية للسلطة التشريعية لدى الناس وخاصة بعد رسوخ الانطباع لديهم انهم يصلون للمجلس بقوة دفع غير شعبية .
الانحدار الشديد في مكانة المنصب العام دفعت مراهقي السياسة للتفكير بامكانية تحقيق اي شئ والوصول الى اي غاية او هدف او منصب ما دام المال موجدا ومتاحا . ونحن لا نلومهم لان هذه حقيقة وهناك من صار وتصور اعتمادا على ثروته وطموحه غير المشروع بالسلطة . المنصب الحكومي متاح لاي شخص بصرف النظر عن خبراته ومهاراته وشهاداته وخاصة اذا كان ثريا فانه يستطيع ان يبيع ويشتري كما يشاء. وقد وصل الانحدار حدا لا يمكن التسامح معه بعد ان رأينا بعض الشخصيات التي تبوأت مناصب تبطش بالناس وبعضهم يذكرنا بأمراء الحرب في الدول المارقة. لكن ما لا يمكن فهمه هو الصمت الرسمي على التراجع المستمر في مكانة المنصب العام، وكأن هناك مخططا لإفساد كل شيء حتى نصل الى نقطة تكون فيها الكفاءة والمعرفة والخبرة عبئا على اصاحبها مقابل جبروت المال السياسي.
كان الأمل يحدونا في أن تكون انتخابتنا النيابية نزيهة لدرجة معقولة، ولكن جاءت النتائج صادمة بكل المعايير. فلا الخاسر راض عن الطريقة التي تمت بها الانتخابات ولا الناجح راض عن النتيجة! فالدولة التي كانت تخشى تواضع نسبة الانتخابات غضت الطرف عن التوظيف البشع للمال السياسي الذي كان واضحا وضوح الشمس !
كل ذلك كان متوقعا، غير أن الأمر الذي لم يدر بخلد أي اردني هو أن ينتقل المال السياسي الى مجلس النواب نفسه ويتحول النائب إلى سلعة للبيع كما هو حال الناخب عندهم، وإذا وصل ذلك الشخص الذي نعرف- وهو يفتقد للمؤهل العلمي والخبرة او المعرفة السياسية- إلى سدة رئاسة مجلس النواب عندها نكون قد انهينا اخر فصول الحكاية !