الحكومة ترسب في استطلاع مركز الدراسات..
د. حسن البراري
جو 24 :
لا يبدو أن زيارة رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي لمركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية قد أثرت على نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه المركز إذ رسبت الحكومة ورئيسها في الشارع وحصل مع حكومته على واحدة من أدنى التقييمات التي منحهتها استطلاعات الرأي خلال عقدين من الزمان.
وحتى لا نظلم رئيس الوزراء، ربما كانت زيارته عادية لا يهدف من ورائها إلى التأثير على المركز وأن اصراره على زيارة المركز تحديدا تنبع ربما من حرصه الشديد على دعم مراكز الابحاث بالأردن.
لا مجال في هذه العجالة التطرق لكل أرقام الاستطلاع وسأكتفي بتقديم استخلاصات عامة لوضع الاستطلاع في سياقه الصحيح، فالمسألة لا تتعلق بالملقي وفريقه فقط وانما بالنهج العابر للحكومات والذي كشفت استطلاعات الرأي التي اجراها مركز الدراسات الاستراتيجية وغيره أيضا بأنه السبب الرئيس وراء الانخفاض الكبير في شعبية الحكومات المتعاقبة وفي سخط الشارع على الحكومات. ففي الاستطلاع الأخير أفاد الأردنيون بأن العامل الاقتصادي هو السبب الرئيسي لتقييمهم للحكومة، فهي حكومة لم تعالج المسألة الاقتصادية ولم تعالج الفساد.
فالاستطلاعات بشكل عام كشفت عن حقيقتين. أولا، أن هناك فجوة ثقة بين الشارع والحكومة ولا يمكن لأحد أن يدعي بان الحكومات المتعاقبة وعلى رأسها حكومة الملقي نالت ثقة الشارع لسببين. أولا، هي حكومات غير منتخبة وغير تمثيلية. وثانيا، هي حكومات نالث ثقة مجالس نيابية شابها التزوير في بعض الاحيان وهي مجالس لم تنل ثقة الأردنيين في العقدين الاخيرين. ثانيا، لم يراعى عند تشكيل الحكومات الكفاءات الأردنية وبالتالي هي اشبه بلعبة الكراسي الموسيقية يعاد فيها تدوير الوزراء دون وجود معايير موضوعية تبين نجاح الوزراء في أداء مهامهم، فلا نعرف مثلا كيف يمكن نقل الوزير من وزارة لأخرى وبخاصة من فئة الوزراء التكنوقراط وليس الوزراء السياسيين، فمن الذي يفرضهم ولأي غرض؟
ثمة انطباع يتداوله الاردنيون متعلق بوظيفة رئيس الوزراء، فهو ليس رئيسا متمتعا بالولاية العامة إذ تقتصر مهامه على فرض الضرائب وجبايتها، والحق أن هذا الانطباع قريب من الواقع لأن كل رؤساء الوزراء المتعاقبين متشابهون من حيث أداء هذه الوظيفة على وجه الخصوص. ويقينا أن كل رؤساء الوزرات يعرفون هذه الحقيقة بدليل استمرار الحكومات بنفس النهج وبذات الأدوات التي انتجت هذه الفجوة في الثقة مع الشارع الأردني.
والحقيقة الثانية تتعلق بعدم اكتراث الحكومات بأن الأردن للشارع يسير بالاتجاه الخاطئ (٥٩٪ في اخر استطلاع)، فثمة استعلائية غير مفهومة عند صاحب القرار وهو يقرأ بأن غالبية الشارع الاردني منذ سبع سنوات تقريبا ترى بأن الاردن يسير بالاتجاه الخاطئ ولا يأخذ العبر والدروس، والاغلبية على حق بدليل التراجع الكبير في وضعهم الاقتصادي والمعاشي. غير أن الأمر بالنسبة لرئيس الحكومة ليس مرتبطا بتقدير وتقييم الشارع، فهو في نهاية الأمر ليس مسؤولا أمام الشارع وإنما أمام رأس الدولة. لذلك فإن الاستطلاع وتراجع شعبية الحكومة في الشارع وفشلها في الالتفات لتحسين أوضاع البشرلا يؤثر على وضع الحكومة وستستمر رغما عن الجميع ما دامت تؤدي مهمتها في تنفيذ برنامج لا رأي لها فيه بالأساس.