الإصلاح الهيكلي : إلغاء وزارة التخطيط
ناهض حتر
جو 24 : الخطوات الإصلاحية المطلوبة الآن، هيكلية. وتتعلّق، ابتداء، بإعادة هيكلة الجهاز الحكومي نفسه، بدءا من الوزارات. وسأبدأ بوزارة لا يمكن إصلاحها، ولا بد من إلغائها كليا، هي وزارة التخطيط.
لا يمكن إصلاح وزارة التخطيط بتولية حقيبتها إلى نمط جديد من الوزراء من غير الليبراليين الجدد، أو إعادة تركيبها أو تعريف مهماتها أو دورها؛ فهذه الوزارة هي، بكينونتها، مركز لليبرالية الجديدة، ومهمتها هي هدر الأموال من المنح والمساعدات، ودورها هو تجريف الاستثمارات الحكومية من أي مضمون تنموي.
تسعى وزارة التخطيط للحصول على منح ومساعدات خارجية وقروض سهلة، ولكنها لا تنجز في هذا الباب إلا الفتات؛ فمن المعروف أن المساعدات الكبرى تأتي لأسباب سياسية، ويتم انجازها على مستوى قيادة الدولة، ولا دور لوزارة التخطيط فيها سوى التوقيع على الاتفاقات والبروتوكولات.
غير أن وزارة التخطيط تتعامل مع الأموال التي تصل إلى الخزينة، وكأنها ريع حققته الوزارة التي تنطلق من عقيدة أساسية تقوم على أولوية الإنفاق، لا أولوية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية. وهذه المعادلة تؤدي، بحد ذاتها، إلى هدر الأموال على مشاريع ليست ذات أولوية، أو لا حاجة لها من وجهة نظر اقتصادية، أو تحت عناوين غامضة غير محددة، تفتح، بغموضها، مجالات الفساد. وأفضل نموذج على ذلك هو ما سُمّي " برنامج التحوّل الاقتصادي والاجتماعي" الذي أصبح مثالا لتبديد الأموال على مشاريع غير مدروسة لا بحد ذاتها ولا من وجهة نظر اقتصادية أو اجتماعية، ليست ذات أولوية ولا جدوى، وبعض عناوينها الملتبسة مثل "تعزيز الانتاجية"، كانت مجالا للفساد والإفساد.
ورغم كل ما قيل في نقد "برنامج التحول ... " سيء الذكر، ورغم أنه قد يكون قريبا بين يدي القضاء، نرى وزارة التخطيط تستعيده في موازنة 2013، مستفيدة من أموال المنحة الخليجية البالغة مليارا وربع المليار، كان الهاجس الرئيسي للوزارة بشأنها هو المسارعة إلى إعداد موازنة لإنفاقها على مشاريع متعجلة وغير مدروسة وغامضة ـ بما في ذلك البرنامج المشؤوم المسمى "تعزيز الانتاجية" مرة أخرى ـ مشاريع لا علاقة لها بالاحتياجات الوطنية الملحّة في تنمية المحافظات بما يولّد فيها فرص الاستثمار والعمل، ولا هي انصبت على معالجة إحدى المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، مثل الكلفة الباهظة بصورة استثنائية لإنتاج الكهرباء في الأردن.
خاطبتْ وزارة التخطيط، الوزارات والمؤسسات الحكومية المستقلة. وهي، جميعها، تعد وترسل إلى " التخطيط"، مشاريعها المقترحة، بطريقة تقليدية تفتقر إلى دراسة الجدوى أو النظرة الكلية للاحتياجات التنموية. ومن ثم تقوم وزارة التخطيط، بالحذف على أسس محاسبية، بحيث تتطابق موازنات المشاريع مع السقوف المالية المتاحة، من دون دراسات جدوى، جزئية أو كلية، ومن دون دراسات اكتوارية لتكاليف إدامة المشاريع المنتقاة، ومن دون تحديد الأولويات على أسس اقتصادية واجتماعية وطنية؛ فالمهمة التي تعني الوزارة، بحكم طبيعتها، هي الحصول على كشف بمشاريع والتوقيع مع المانحين والشروع في الإنفاق.
وهذا ما فعلته " التخطيط "بالضبط مع أموال المساعدات الخليجية لسنة 2013. وهي، لذلك، سوف تعجز عن إحداث فرق في العملية الاقتصادية أو إحداث دفعة تنموية.
وجود وزارة التخطيط، إذاً، ليس نافلا فحسب، بل هو ضار، ويخلق عملها، بصورة تلقائية، الهدر والفساد وانعدام الجدوى. واقتراحنا هو إلغاؤها وتحويل مهماتها إلى وزارة المالية في صيغة مضبوطة وفعالة، سنتناولها لاحقا.العرب اليوم
لا يمكن إصلاح وزارة التخطيط بتولية حقيبتها إلى نمط جديد من الوزراء من غير الليبراليين الجدد، أو إعادة تركيبها أو تعريف مهماتها أو دورها؛ فهذه الوزارة هي، بكينونتها، مركز لليبرالية الجديدة، ومهمتها هي هدر الأموال من المنح والمساعدات، ودورها هو تجريف الاستثمارات الحكومية من أي مضمون تنموي.
تسعى وزارة التخطيط للحصول على منح ومساعدات خارجية وقروض سهلة، ولكنها لا تنجز في هذا الباب إلا الفتات؛ فمن المعروف أن المساعدات الكبرى تأتي لأسباب سياسية، ويتم انجازها على مستوى قيادة الدولة، ولا دور لوزارة التخطيط فيها سوى التوقيع على الاتفاقات والبروتوكولات.
غير أن وزارة التخطيط تتعامل مع الأموال التي تصل إلى الخزينة، وكأنها ريع حققته الوزارة التي تنطلق من عقيدة أساسية تقوم على أولوية الإنفاق، لا أولوية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية. وهذه المعادلة تؤدي، بحد ذاتها، إلى هدر الأموال على مشاريع ليست ذات أولوية، أو لا حاجة لها من وجهة نظر اقتصادية، أو تحت عناوين غامضة غير محددة، تفتح، بغموضها، مجالات الفساد. وأفضل نموذج على ذلك هو ما سُمّي " برنامج التحوّل الاقتصادي والاجتماعي" الذي أصبح مثالا لتبديد الأموال على مشاريع غير مدروسة لا بحد ذاتها ولا من وجهة نظر اقتصادية أو اجتماعية، ليست ذات أولوية ولا جدوى، وبعض عناوينها الملتبسة مثل "تعزيز الانتاجية"، كانت مجالا للفساد والإفساد.
ورغم كل ما قيل في نقد "برنامج التحول ... " سيء الذكر، ورغم أنه قد يكون قريبا بين يدي القضاء، نرى وزارة التخطيط تستعيده في موازنة 2013، مستفيدة من أموال المنحة الخليجية البالغة مليارا وربع المليار، كان الهاجس الرئيسي للوزارة بشأنها هو المسارعة إلى إعداد موازنة لإنفاقها على مشاريع متعجلة وغير مدروسة وغامضة ـ بما في ذلك البرنامج المشؤوم المسمى "تعزيز الانتاجية" مرة أخرى ـ مشاريع لا علاقة لها بالاحتياجات الوطنية الملحّة في تنمية المحافظات بما يولّد فيها فرص الاستثمار والعمل، ولا هي انصبت على معالجة إحدى المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، مثل الكلفة الباهظة بصورة استثنائية لإنتاج الكهرباء في الأردن.
خاطبتْ وزارة التخطيط، الوزارات والمؤسسات الحكومية المستقلة. وهي، جميعها، تعد وترسل إلى " التخطيط"، مشاريعها المقترحة، بطريقة تقليدية تفتقر إلى دراسة الجدوى أو النظرة الكلية للاحتياجات التنموية. ومن ثم تقوم وزارة التخطيط، بالحذف على أسس محاسبية، بحيث تتطابق موازنات المشاريع مع السقوف المالية المتاحة، من دون دراسات جدوى، جزئية أو كلية، ومن دون دراسات اكتوارية لتكاليف إدامة المشاريع المنتقاة، ومن دون تحديد الأولويات على أسس اقتصادية واجتماعية وطنية؛ فالمهمة التي تعني الوزارة، بحكم طبيعتها، هي الحصول على كشف بمشاريع والتوقيع مع المانحين والشروع في الإنفاق.
وهذا ما فعلته " التخطيط "بالضبط مع أموال المساعدات الخليجية لسنة 2013. وهي، لذلك، سوف تعجز عن إحداث فرق في العملية الاقتصادية أو إحداث دفعة تنموية.
وجود وزارة التخطيط، إذاً، ليس نافلا فحسب، بل هو ضار، ويخلق عملها، بصورة تلقائية، الهدر والفساد وانعدام الجدوى. واقتراحنا هو إلغاؤها وتحويل مهماتها إلى وزارة المالية في صيغة مضبوطة وفعالة، سنتناولها لاحقا.العرب اليوم