أيها " الرؤساء" و" الوزراء" : ترشّحوا علنا
ناهض حتر
المكاسب الممكنة للنواب في عملية تشكيل أول حكومة برلمانية منذ 1956، سرّعت في انضمامهم إلى كتل وازنة، لكن من الواضح أن امكانية تشكيل أغلبية برلمانية ما تزال مستبعدة. وهي، بالأساس، غير ممكنة بالنظر إلى أن تكوين البرلمان الرئيسي هو من نواب أفراد مستقلين سياسيا، ولا يشكّل انخراطهم في الكتل النيابية خيارا ثابتا. وهكذا، لا مناص من ائتلاف صعب وهش بين الكتل والمستقلين لتسمية رئيس الوزراء والتوافق على برنامج الحكومة والتشكيلة الوزارية. وهذا ما سيظل يمنح مراكز القرار المعتادة، القدرة على تحديد الاتجاه وممارسة الفيتو.
أفضل ما يمكن تصوّره ، في هذه الحالة المعقدة، هو قيام الشخصيات المؤهلة لرئاسة الوزراء بالإعلان عن ترشحها وبرامجها، والسعي المسبق لدى النواب والرأي العام لنيل التأييد. سيكون ذلك مفصلا مهما في تطوير الحياة السياسية الأردنية؛ إذ ستخرج الجهود السياسية من الكواليس إلى الفضاء المجتمعي، وستكون هذه فرصة لمشاركة النواب و التيارات السياسية والقوى الاجتماعية والنقابية في حوار عام برامجي يفضي إلى قيام الحكومة البرلمانية.
الاقتراح أعلاه ينطبق على الراغبين المؤهلين للحصول على المناصب الوزارية؛ يمكنهم الإعلان عن ذلك، ونشر سيرهم الشخصية وبرامجهم الخاصة بالوزارات التي يرغبون في توليها، والسعي لدى الكتل النيابية والنواب لتسميتهم.
سوف يصطدم هذا الاقتراح بعقلية السياسي الأردني التقليدي الذي ينفر من الانتخابات، والنشاط السياسي العام، ويفضل العمل في الكواليس أو البقاء في المنزل بانتظار كلمة السر. لكن العملية السياسية في البلاد، تحتاج الآن إلى مبادرات شجاعة لا تخشى الفشل.
فشل السياسي في الانتخابات النيابية أو في محاولته، العلنية والبرامجية، لاكتساب موقع رئيس الوزراء أو نيل حقيبة وزارية، ليس معيبا ولا يمس بذاته أو بكرامته؛ بالعكس، فإنه يمثّل مدى التزامه الشخصيّ بفكره السياسي، وجديته في السعي لتطبيق برنامجه.
ليتنا نقرأ في الصحافة، هذا الاسبوع، أي قبل افتتاح الدورة البرلمانية، بيانات ترشيح برنامجية من المؤهلين الراغبين في المناصب الحكومية. سوف يكون ذلك حدثا سياسيا أهمّ من الانتخابات نفسها .العرب اليوم