هل أصبحت الحياة حكرا على الأغنياء؟
جو 24 :
تامر خرمه - هل سمعت عن انسان توفي على باب إحدى المستشفيات، بسبب عدم قدرته على دفع تكاليف العلاج؟ نعم، مثل هذه الحوادث المؤسفة تحصل، رغم أنك قد لا تصادفها في حياتك اليومية.
حقّ الانسان في الحياة يفترض أن يكون أقدس الحقوق، فترك أحدهم يموت بسبب فقره لا يختلف عن أية جريمة قتل، بل إن هذا أكثر الجرائم بشاعة.
ولكن من المسؤول عن حق الفقراء بالعيش أكثر من الدولة، التي يفترض أن تحقق مصالحهم، وتضمن حقوقهم، وفقا للعقد الاجتماعي الذي هو المبرر الوحيد لوجودها؟
في الاردن، يعاني كثير من المواطنين التهميش خارج مظلة التأمين الصحي، فماذا لو أصيب أحد الفقراء بمرض عضال، من يتحمل مسؤولية بقائه على قيد الحياة؟ أضف إلى ذلك أن أحد أهم عوامل فقر غالبية الناس هو كمّ الضرائب العالية التي يدفعونها، في ظلّ نظام ضريبي غير عادل.
قد يجادل أحدهم بأنه بإمكان هذا الانسان اللجوء إلى الجهات المعنية والحصول على اعفاء من كلفة العلاج، ولكن هل يمتلك جميع الناس "واسطة" تمكّنهم من الحصول على الاعفاءات؟
وحتى إن تمكّن أحدهم من الحصول على اعفاء طبي، فهل ظروف مستشفى البشير مثلا تؤهله لأن يكون ملاذا لإنقاذ الأرواح؟ ولا ننسى أنّ بعض المحافظات تفتقر إلى وجود مستشفى مدني، فمتى سيتم الارتقاء بواقع مستشفيات القطاع العام في هذا البلد الذي يُصنّف بأنه من الدول الأكثر تقدّما في الخدمات الطبية على مستوى العالم؟
يدور الحديث حول شمول غير المؤمنين صحّيا في دائرة الاعفاءات، ولكن هل حقا هذا هو الحلّ إذا ما أخذنا واقع مستشفيات القطاع العام بعين الاعتبار؟ هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن هنالك من يطالب بحصر صلاحية منح الاعفاءات بجهة واحدة غير حكومية، حيث أن وزارة الصحة تمتلك هذه الصلاحية إلى جانب الديوان ورئاسة الوزراء.. هل يمكنك تخيل نتائج مثل هذا الاجراء في حال تم اتخاذه؟
يعلم الجميع كيف يقوم بعض "الموظفون" بمقايضة كثير من النواب بمثل هذا النوع من الاعفاءات مقابل أصواتهم التي طالما أفضت إلى صدور قوانين وقرارات غير شعبية.. ولو تحقق مثل ذلك السيناريو فإن حياة الفقراء ستكون بيد النائب بالمعنى الحرفي، فتخيّل كيف سيكون حال المجالس النيابية المقبلة، والتي ستجعلنا نترحم على مجلس اغتيال رغيف الخبز!
سياسة "المكارم" هي ما أدت إلى تقويض السلطة التشريعية، التي يمكن وصف علاقتها بالناخبين بعلاقة تنفيع مقابل أصوات، كما هي علاقتها بالسلطة التنفيذية: هبات مقابل تصويت!
الأصل أن توفر الدولة تأمينا صحّيا لكافة النّاس، عوضا عن سياسة الهبات والعطايا، هذا إذا ما أردنا الارتقاء بواقعنا الاجتماعي - السياسي. أما إذا ما أردنا واقعا صحيا عادلا فينبغي أن يكون واقع مستشفيات القطاع العام منافسا للقطاع الخاص، فالحقّ في الحياة ليس حكرا على الأثرياء!