الأدوية البيطرية والبرغل بأمان
جو 24 :
تامر خرمه- "الاعتماد على الذات".. غاية قررت حكومة د. هاني الملقي استغلالها لتبرير سياساتها الاقتصادية، أو ما تدعوه بـ "البرنامج الوطني للإصلاح المالي والاقتصادي"، ولكن هل حقا سيحرر هذا " البرنامج" الأردن من حاجته إلى المنح والمساعدات الخارجية، عبر انتزاع اللقمة من مائدة المواطن؟
السيد ميكافيلي نفسه لن يكون سعيدا بتسطيح البراغماتية على هذا النحو. تبرير الوسيلة يستوجب غاية مقنعة على الأقل. اعتماد الدولة على نفسها، لا يمكن أن يعني أن يحمل الفقراء البرجوازية، المحتكرة للسلطة والثروة، على ظهورهم.
محاولة حل الأزمة باستخدام ذات العقلية التي أنتجتها لا يمكن إلا أن يكون تدميرا ممنهجا لمستقبل وأحلام الناس. الحكومة تتحدث عن ضرورة إجراء إصلاحات هيكلية على النظام الضريبي، ولكن هذه الإصلاحات اقتصرت، كالعادة، على ضرائب المبيعات، عوضا عن إقرار نظام ضريبي تصاعدي، يحقق العدالة الاجتماعية، ويدر على الخزينة ما يستحيل تحصيله من غذاء ودواء البسطاء.
"إزالة التشوهات" كان مبررا آخرا لسياسات حكومة الملقي، ولكن أليس رفع الدعم عن الخبز، مقابل فرض المزيد من ضرائب المبيعات على السلع الأساسية، بل وحتى على الدواء، باستثناء الأدوية البيطرية، وإعفاء طبقة "اللوبستر" و'الفوغرا" من مسؤولياتها الوطني، تشويه لكل قواعد العقد الاجتماعي الذي يبرر وجود هذه السلطة؟!
الدوار الرابع "بشرنا" بأن بعض السلع الغذائية، كالأرز والبرغل، لن تتأثر بالقرارات الأخيرة. نعم، ما زال البرغل بأمان، وكذلك البقولياتً.. ترى إلى أية درجة يمكن أن يمضي الساسة باستهتارهم واستخفافهم بالشعب.
الملقي يقول أن المواطن ينفق على غذائه ١١.٢٠ دينارا شهريا.. نعم شهريا، مقدرا أن معدل الدعم المستحق هو ٢.٢ دينارا شهريا، ويمن على الناس بأن كل منهم سيحصل على ٢٧.٦ دينارا سنويا. هل تعلم يا رئيس الوزراء ثمن صحن الحمص أو حتى الفلافل؟! معيب أن تتعامل الحكومة مع الناس على أنهم متسولون، بعد تجويعهم لضمان عدم المساس بأموال حيتان وغيلان البلد.
إزالة التشوهات تستوجب نظاما ضريبيا عادلا، وليس تحويل ضريبة المبيعات إلى حلوب تدر معظم الإيرادات المحلية. ولتحقيق هذا لا بد من فصل السياسة عن "البزنس"، فهذه السياسات ليست سوى ترجمة حرفية لمصالح برجوازية طاغية، وكمبرادور عابر.