2024-05-13 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

المشهد الأردني.. باشا وتلاميذ وحفنة من المسخمين

المشهد الأردني.. باشا وتلاميذ وحفنة من المسخمين
جو 24 :
تامر خرمه - "الفن ينبغي أن يحتمل أكثر من تأويل".. بهذه الكلمات عبر ستيني يجوب العالم في رحلة لا تنتهي، عن ازدرائه للفن الهابط، الذي يعكس ذات الدلالة لكافة المتلقين.

وليس المقصود باستخدام مفردة الفن التعبير عما يعرف بالفنون السبعة. أي شيء قد يكون فنا، في حال ارتقائه إلى الجمال، ونجاح مؤلفه في جعله فريدا وخاصا لكل من يتلقاه، السياسة مثلا يمكن أن تعد فنا، فهي " فن الممكن"، كما توصف أحيانا.

ولكن حتى تكون السياسة فنا – بالمعنى الحقيقي للكلمة – ينبغي النأي بها عن الهواة.. حيث أنها تستوجب براعة خاصة في إدارة ما يمكن تحقيقه وفق ما تفرضه توازنات القوى، وإبرام تسويات عادلة، بأقل الخسائر.

وهذا ما لا ينسجم على الإطلاق مع المشهد الأردني، الذي تحتل فيه السلطة التنفيذية – وحدها – بقعة الضوء، بالتوازي مع منح "كائنات الظل" الذين اتفق على تسميتهم بنواب الشعب، دور "الكومبارس" ، الذي تقتصر غاية وجوده على إظهار "البطل" في أحسن الأحوال التي قد يصلها خيال "المخرج".

كاميرات الإعلام رصدت مؤخرا المشهد الكوميدي الأكثر إمعانا بالسواد، لتظهر رئيس الوزراء د. هاني الملقي، وكأنه " ناظر" مدرسة، يلقي بتعليماته إلى حفنة من التلاميذ - النواب، المتحلقين حوله بعيون تكاد أن تأكل ملامح الرجل، قبل أن يعلن بكل بساطة أنه "لا يوجد مسخمين في الأردن".

المضحك المبكي، أن النواب " المسخمين" لا يملكون إلا إضفاء شرعية مشوهة على قرارات الرئيس، التي تنزل عليه – بالمناسبة – من باراشوت يبعد بعض الشيء عن الدوار الرابع، من أجل تمرير قوانين يفترض أن يبتلعها الشعب "المسخم"، ويرفع رأسه إلى عنان السماء.

المشهد يمكن وصفه بأي شيء، إلا فن السياسة، فلا توازنات قوى، ولا تسويات تراعي مصالح كافة الطبقات، ولا تأويل أو حتى تفسير ينسجم مع أبسط قواعد المنطق.. هي مجرد تعليمات أوحت بها الليبرالية المتطفلة على مستقبل الأجيال القادمة، ليوحي بها الملقي بدوره لنواب يحترفون " البصم" بكافة الأطراف.

الرئيس لا يعترف بأية توازنات، ولا يأخذ مجلس الأمة على محمل الجد، كونه مدرك تماما لعري هذا المجلس – الذي يفترض أن يكون سلطة رقابية على الحكومة – من أية صلاحيات حقيقية تمكنه من تمثيل الناس، والدفاع عن مصالحهم.

النهج الجبائي الذي دشنته حكومة الملقي، لم يصطدم بأية عقبات برلمانية تفرمل هذا التوحش على قوت الشعب، تحقيقا لمصالح ليبرالية تعفنت من تخمتها، وهذا ما يفسر لغة الجسد الاستعلائية، التي تعبر عن قلة احترام رئيس الوزراء لنواب الشعب. راقب حركات وإيماءات الرجل، وهو يتوسط حفنة من البرلمانيين، لتدرك إلى أية درجة وصل هذا المجلس بمازوشيته وعشقه للاستعباد.

ولكن ما دام الأمر كذلك، فما هو مبرر استمرار عرض مسرحية "الديمقراطية" رديئة الإخراج والتصوير والمونتاج؟! العودة إلى العصر الحجري، الذي لم يشهد برلمانات أو تشريعات، سيكون أقل بشاعة مما نشهده في هذه الأيام، التي تسفك فيها كرامة الشعب، عبر التغطرس على من يدعون تمثيله، بعد ترويضهم تحت قبة ذلك السيرك العبثي، وبرمجتهم على هذا النحو المثير للشفقة.

اللعبة باتت سمجة للغاية، ولم يعد هنالك أي مبرر لتصدير صورة "ديمقراطية" للأردن.. وما دام ساستنا يواصلون الفشل في أداء فن السياسة، فمن الأجدى أن نعلنها صراحة، ونعترف بأننا ما نزال في مرحلة ما قبل الدولة، ولنستمتع معا بحالتنا القروسطية، فأحيانا يقترن الألم بشيء من المتعة!!
 
تابعو الأردن 24 على google news