jo24_banner
jo24_banner

المستشارة النفسية البورنو بين تشخيص القذافي والأسد

جمعة الوحش
جو 24 :

ليس أمراً عفوياً ما نقلته وكالة "سانا" الرسمية السورية من تصريحات تشخص الحالة النفسية للرئيس السوري بشار الأسد أدلت بها دكتورة الطب النفسي راوية البورنو صباح الأثنين للتلفزيون السوري عقب لقاء لها مع الاسد على رأس وفد نقابي اردني وشخصيات مؤيدة للنظام السوري. 
ويبدو أن الهدف من توصيف البورنو لحالة الأسد النفسية لاسيما من طبيبة مؤيدة لنظامه، تـبـديد ما أشيع مؤخرا من تشابه حالتي الاسد والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، من حيث ظروف الثورتين وسلوك كل من الرئيسين "الدموي" في مواجهة شعبيهما، حيث وصف الكثير من المحللين "دموية" الاسد وموقفه من شعبه كوصفهم للقذافي، فهما؛ وفق المحللين، "شخصان منفصلان عن الواقع ولا يدركان الصلة به".
وما نقلته "سانا" من تصريح الدكتورة البورنو بالحرف التالي "أكدت الدكتورة راوية البرنو مستشارة طب نفسي أن سورية بقيادة الرئيس الأسد ستخرج أقوى مما كانت عليه قبل الأزمة. وقالت إن الرئيس الأسد متواصل مع الواقع وليس كما يتحدث الغرب، والأمور واضحة لديه تماما وهو مطمئن وطمأننا بأن الأزمة في سورية ستمر" . انتهى التصريح.
وبالوقوف على تحليل هذا التصريح التشخيصي الطبي الذي لا يخلو من المغزى السياسي المؤيد للاسد ونظامه يثبت بما لامجال للشك فيه ان التصريح جاء يقول "مستشارة طب نفسي" ليؤكد المكانة العلمية لمن قام بالتشخيص كما يحمل اسم الدكتورة البورنو للإشارة الى سجلها الطبي التاريخي.
وفي نصّ التصريح "متواصل مع الواقع" تأكيد عكس ما يشاع عن الاسد بأنه فاقد الصلة بالواقع، وبخلاف اصحاب المقولة "ليس كما يتحدث الغرب" لغرض نسبة ما يشاع الى جهة معادية "الغرب".
واللافت أن التصريحات التي تشخص حالة الأسد جاءت من طبيبة نفسية، عاشت في ليبيا قرابة الثلاث سنوات من 1979- 1981، وهي نفسها التي شخصت ابان الثورة الليبية على القذافي ونظامه، الحالة النفسية للقذافي ووصفت نظامه الدكتاتوري وصفاً تفصيلياً ودقيقاً.
ولما كان القذافي غير مصدّق للثورة وغير مدرك لما يجري حوله بوصفه للثائرين بالجرذان ومخاطبته لهم بمقولته الشهيرة "من أنتم "، جاءت العبارة في تصريح البورنو لغرض نفي تشابه حالة الاسد بالقذافي بقولها "الأمور واضحة لديه تماماً" أي الاسد.
بينما كانت حالة الاضطراب واضحة في تصرفات القذافي، بحسب ما شخصته البورنو، سابقاً ابان الثورة الليبية بما "يؤشر الى مجموعة من الاضطرابات"، في حين جاءت العبارة التي تخص الأسد بمفردة طبية نفسية تنفي الاضطراب
"مطمئن " أي الأسد .
اما ما انتهى اليه التشخيص فهو الاهم بالنسبة للنظام السوري ألا وهو شهادة شرعية لما يقوم به النظام في مواجهة الثورة السورية ..!، وعدالة قضيته والبشارة بالنصر وبأن "الأزمة ستمر" ويتعافى النظام بالخروج "اقوى مما كان قبل"، وكأن الطب النفسي هنا استمد تحليله الغيبي من "علم الفلك وقراءة الطالع"!!!
وبالعودة الى التشخيص السابق للدكتورة البورنو اثناء تقييمها لحالة القذافي والثورة عليه وعرضت على تلفزيون "رؤيا" ببرنامج نبض البلد ، والذي استقينا منه مقارباتنا بين التشخيصين، فقد ترحمت البورنو على شهداء الثورة الليبية واعتبرتهم "شهداء العرب" وأكدت عدالة قضيتهم، في الوقت الذي أكدت فيه اليوم عدالة قضية الاسد متغاضية عن جرائم القتل والتشريد ولم يخطر ببالها ان هؤلاء شهداء وهم بعشرات الآلاف!!
وقد وصفت البورنو 42 عاماً من حكم القذافي مأساوية على الشعب الليبي وعلقت على تسلسل شعاراته ( الله ، معمر ، الوطن ) بأنها تقترب من قوله لهم "أنا ربكم الاعلى" بحسب وصفها الذي تغاضى عن شعارات الاسد وشبيحته "الأسد أو نحرق البلد" .
ومدحت البورنو عبدالرحمن شلقم وكل الذين انشقوا عن القذافي على اعتبار "ان ليس له اصدقاء حميميين"؛ غير اننا لم نسمع عن رأيها في انشقاق حجاب والكثير من القادة العسكريين الذين وصفوا من قبل من رافقوها في زيارة الأسد ان هؤلاء "خون تم شراؤهم بالمال".
ومما ذكرته البورنو: استجداء القذافي في آخر خطاب له "اذا الشعب ما بحب القذافي لا يستحق ان يعيش" وغاب عن خاطرها ان الأسد يتمسك بالسلطة في مقابل سحق الآلاف كي لا يستحقوا حياة بعده اذا خرج من السلطة..!
ورفضت البورنو ان يكون القذافي مريضاً نفسياً حتى لا يفلت من العقاب، واصفة حالته بالمستحيل بكل التعقيدات قبولها للعلاج بخلاف المريض النفسي الذي يستوجب العلاج. فهي بزيارتها ومناصرتها للاسد برفقة الوفود المؤيدة له لسان حالهم يرون فيه بطلاً قومياً يستحق التقدير لا المحاكمة! .
وفي الوقت الذي تحدثت فيه البورنو عن اختفاء المعارضين والمثقفين الليبيين في السجون في عصر القذافي ، لم تدري عن مئات الآلاف من المعتقلين في سجون الاسد الذين تختفي اسماؤهم برقم يعيش معهم الى الابد أو الموت من التعذيب ..!
أما الاجهزة الامنية التي وصفتها بأنها لا تعد ولا تحصى عند القذافي وتسببت، كما تقول، في الاسراع بإنهاء عقد عملها من ليبيا، فهي لا تشبه تلك الاجهزة الامنية الكثيرة التي جعلتها ورفاقها يسارعون الى الحضور الى دمشق كونهم يوفرون الامن للمؤيدين للنظام، ويحولون السوريين الى المخابرات الجوية كي يكره السوريون الدفاع عن اجواء سوريا أو يحولوهم الى "فرع فلسطين" كي يكره اسم فلسطين، ولا يذكر على لسان حتى تقشعر منه الابدان ..!!
لم نعقد هذه المقاربة من أجل تشخيص حالة مفردة من النفسية التي عليها مؤيدو النظام السوري وانما لبيان ما عليه منطق من يرى دماء السوريين ماءً أو من يتكسّب بالدماء كأنما هي حساء لطعامه يتلذذ به على مائدته هو وعياله.

تابعو الأردن 24 على google news