jo24_banner
jo24_banner

الحراك الأردني يتحول الى الحالة الثورية

جمعة الوحش
جو 24 :

دأب الحراك الأردني في كل مرة يتهم فيها بنوايا الغرض من السقف العالي في الهتاف الى النفي وسلامة المقصد بتصويغ ذلك بالتذكير بأن اهداف الحراك تلتزم بـ " اصلاح النظام " ودرج الأمر على هذا الحال حتى جاءت حكومة الطراونة المحافظة والمنقلبة سفوراً على الاصلاح ، عندها أعلن الحراك تحولاً في تغيير جدي للحراك بالانتقال الى " الحالة الثورية السلمية " ، وحصل نزاع ميداني بين الاطياف الحراكية في الشارع حتى استقر الرأي الأخير عن قناعة راسخة بعدم جدوى " المنادة بـ " اصلاح النظام ".

وكانت محطات الأمر تترسخ في التحول مع ما قدم الطراونة من قوانين : قانون الانتخاب ذي الصوت الواحد المرفوض شعبياً والقاهر لارادة الشعب وبحيلة " قائمة وطنية " مفرغة من امكان وصول الاحزاب او القوى الوطنية ككتلة الى مجلس النواب. والمعدل للمطبوعات ، وقانون الاحزاب وغيرها من قرارات صادمة شعبياً ، وجاء القرار برفع اسعار المحروقات فاسقطت الجماهير الغاضبة القرار بتجميده ثم جاءت حكومة النسور واقدم على رفع الاسعار واشتعلت "هبة تشرين " الشعبية العفوية التي مكّنت الحراك اخيراً من قوة القاعدة الصلبة التي عقد عليها عزمه بالمضي في التحول الى الحالة الثورية.

ولوحظت شواهد تثبت ذلك بتغيّر خطاب الحراك من " اصلاح النظام" الى " اسقاط النظام " ولم يعد الاعتذار قائماً كما السابق ان الاسقاط هفوة او زلة هتاف ، بعد "هبة تشرين" استمرت الفعاليات فكانت اول جمعة في الحسيني حاشدة و صاخبة بهتافات قصدت لذاتها ولم تكن تخويفاً للنظام كالسابق ولم تتنوع بين اللين والشدة وانما طرقت " شبوب الطوق ".

في هذه الاثناء التقط رئيس الجبهة الوطنية للاصلاح أحمد عبيدات الرسالة قبل النظام بأن الحراك تساوق مع هبة شعبية غاضبة رفعت كرتاً احمرا للنظام مسلحة بادراك المواطنين ان النظام توغل كثيراً في زيادة فقر الناس، بعد ان اقتنعوا ان البلاد نهبت ثرواتها واصبحت عظماً بلا لحم واستبعدوا من صنع القرار ، فتنبه عبيدات الى الامر باستراتيجيته في العمل الى النهاية في" اصلاح النظام" وعدم التحول الى "الثورية" التي بدأت ارهاصاتها تطفو على السطح ، فدعا الى الجمعة التالية على دوار فراس بالقرب من الداخلية ورتب الأمر مستفيداً من حالة الاحتقان لاطفائه بتبليغ الرسالة انها "اصلاح " وليس " اسقاط " وكان المشهد مغايراً تماما، كانت المنصة تهتف بالاصلاح ولا احد يردد معها ، وجمهور الحراك الشعبي يهتف بـ " الاسقاط " واستمر الحال دون ان تتغير قناعات الحراك الشعبي الذي جرّ الى حالته الثورية قسماً من شباب نشطاء في الحركة الاسلامية.

جاءت دعوة جمعة "الشرعية الشعبية" 18-1-2013 على دوار فراس بحشد دون التوقع فرح النظام به باعتبار ان الحركة الاسلامية والحراك الشعبي لم ينجحوا في الحشد للفعالية ، خصوصا انها قبيل الانتخابات ببضعة ايام ، لكن المفارقة التي لم يلحظها النظام ولا حتى كبار منظمي الفعالية من قادة الحركة الاسلامية ان قسماً من شبابهم قد " صبأ " متحولاً من" الاصلاح " الى " الحالة الثورية " وقد خبأ هذا الجمهور الشبابي في جيبه كرتاً أصفر رفعه في لحظة مفارقة وهتف الجميع " الشعب يريد انذار النظام ". عندها تيقن الحراك الشعبي ان قاعدته مؤثرة فبدأت صالوناته واجتماعاته المتسربة تشير الى الـ " لا عودة " للوراء واصبح غير معني بأي تنازلات يقدمها النظام في حقل الاصلاحات المقسطة والبعض الآخر منها مفرغ من مضمونه.

وبما أن السرد التسلسلي لاثبات هذا التحول يبقى عاجزاً فالعودة الى تداخلات حدثت كمؤشرات على التحول ، فان الحراك الشعبي في اربد بدأ بفعاليات بمسمى " الرفض "ذات السقوف العالية التي ترسخت الى قناعات مطابقة بين الهتاف وبرنامج ثوري مستجد مضوا فيه. ومن جهة الشمال كذلك حراك جرش للاصلاح قد اصدر بيانا يعلن فيه تغيير اسمه الى اصلاح جرش " للتغيير" بدل" لـلاصلاح" فيما استمر الجنوب بسقوفه العالية التي اصبحت تأخذ قناعة بانعدام جدوى مخاطبة النظام بالاصلاح.


بيان "هبة تشرين" وهو المفصل الهام في دلالة الاثبات والذي وقع عليه ثلاثة من الشخصيات الحراكية لازالة الجهالة عن الجهة المصدّرة له ، وجاء مؤكداً على التحول الى "الحالة الثورية" تبين لاحقاً انه صدر بتبني اجماع كبير من الحراك الشعبي .

وتوالت البيانات المؤكدة الى ان "الحالة الثورية" خيارا قد اتخذ على عاتق الحراكيين بغض النظر عن حجم القاعدة الشعبية الحاضنة لهم . فهم يتحدثوا ان الشعب بات يدرك عدم جدية النظام في الاصلاح مستشهدين بالوقائع الماثلة بصيرورة النظام في عدم اعتبار لوجود أثر للمواطن في مشاركة حقيقية في صنع القرار السياسي .

عدا عن بيانات لشخصيات حراكية تبدو فردية لا تخلو من وجود قاعدة حراكية جاء في بعضها لمنصور سيف الدين مراد " ان النظام لم يعد شريكا في الاصلاح" دعا فيه الى الثورة السلمية وقد لاقى ترحيباً من الحراك الشعبي .

أقيمت مؤخراً فعالية قبل اسبوع امام مجلس النواب حضرها من كل المحافظات زهاء مئتين من الحراك الشعبي كانت هتافاتها ذات سقوف عالية تحمل معان بعدم الاكتراث لوجود مجلس" لا يطالبون باسقاطه " مما جعل مجموعة من الصحفيين الذين يغطون الفعالية يتسائلون عن مغزى هذا المتغير " فقالوا لي ألا تلاحظ ان الفعالية لا تطالب باسقاط المجلس ..؟ وخطابها تغيير عن الماضي. ففكرت واستذكرت ان الدعوة للفعالية لم تطالب باسقاط المجلس حقيقة ، فاجبتهم بذلك . حديث الحراكيين يومها فيما بينهم بات مؤكداً ان الامر لم يعد " اصلاح ومطالبات باسقاط مجلس ورئيس حكومة" فقد كان بعضهم يزجر البعض ان تفوه بذلك وبدت لغة القناعة بالتحول الثوري تتشكل واقعياً. فلم يعد حي الطفايلة وحده علامة على ما عرف بارتفاع سقف الهتافات وعلى رأي أحد الحراكيين كان يزجر صديقاً له يتحدث عن " اصلاح النظام " فقال له لو ان أحداً سمع في الحي عندنا اصلاح النظام ثلاث مرات " يفقد الوعي مغيباً ".

بعد ظهور نتائج انتخابات المجلس السابع عشر وجّه المواطنون تهمة بصورة جماعية بتزوير هذا المجلس بداءً من القانون ومرورا بالاتهام بعدم ملاحقة النظام الجدية لشراء الاصوات الواسع النطاق ووصولاً الى الاتهام بالتزوير المباشر فلم يعد المجلس رافعة لشرعية الاصلاح الذي اراد النظام اثباتها ؛ كل ذلك صبّ في تشكيل القناعة عند الحراك الشعبي الاردني بصلابة موقفه رغم ما يشاع ان الحراك قد أصابته حالة الضعف . فلم تعد الايام القادمة دليلاً ينتظر على التحول الى الحالة الثورية وانما الشاهد فيه حاضراً لمن اراد ان يستوضح الامر .

تابعو الأردن 24 على google news