تهريج ورسائل غزل.. "بيطلعلك" يا دولة الرئيس!
جو 24 :
تامر خرمه - من مساوئ النظام التربوي في الأردن، تحبيب الأطفال بالوشاية، والتملق للمعلم عبر الإيقاع بأحد "المشاغبين" ، وكلنا نتذكر ذلك الطالب العاشق للجلوس في المقاعد الأمامية، والذي غالبا ما يكون تابعا لعريف الصف – المتمتع بقوة جسدية لافتة – ليعملا معا "بروح الفريق" من أجل استرضاء المعلم، وتجنب وقع العصي على الأيدي في صباحات الشتاء الباردة.
في أحد الأفلام التي شارك فيها العملاق ألبتشينو، والتي لعب فيها دور ضرير ادعى أبوته لأحد الطلبة، حوار جدير بالاهتمام.. بالأحرى كانت محاضرة ألقاها البطل على طاقم التدريس، الذي أراد معاقبة التلميذ لعدم وشايته بزميله، مضمون تلك المحاضرة يفسر كيف تحول تلك الأنظمة التربوية الناس إلى كائنات طفيلية، تحترف التصيد في أعكر المياه.
الفيلم سيكون مفيدا للغاية، لأولئك المثبّتين على مرحلة عمر الصفوف الابتدائية، رغم شغلهم لمناصب سياسية يفترض أن تكون مرموقة. صدق أو لا تصدق.. بعض أعضاء السلطة التشريعية، نواب الشعب، لم يبلغ بهم النضوج ما يمكنهم من تجاوز عقلية "عريف الصف" ، وتابعه المتملق.
بعد أن منح المجلس النيابي -الذي انتخبه المسخمين- الشرعية القانونية لقرارات حكومة د. هاني الملقي، والتي هبطت على الدوار الرابع من أبراج الليبرالية المتخمة بخبز الفقراء، قرر "نواب الناس" الاستعراض أمام الكاميرات لاسترضاء الناخبين، وأعلنوا نيتهم مناقشة مسألة رفع الأسعار، التي كانوا شركاء في فرضها.
ولكن محدودية ذكاء البعض حالت دون تفوقهم على تلك الكاميرات، التي رصدت رسائل غزل منفعي، ألقى بها نواب لدولة الرئيس، طمعا بنيل بعض الرضا، عبر "أسفنة" زميل أو ادعاء معرفة معلومات تمكن من ابتزازه، لترويضه مجددا تحت قبة البرلمان.. فقد يكون هذا أو ذاك الزميل نسي مؤقتا، الدروس المستفادة من التدريب المكثف على السمع والطاعة.
مهزَلَة مخجلة ومعيبة، عبر خلالها البرلمان عن سيكولوجيا لا تليق بمن يفترض بهم تمثيل شعب.. ترى كيف يمكن للأردني أن "يرفع رأسه" بعد أن تنحدر سلطته التشريعية، إلى مستوى إدراك تلاميذ الصفوف الابتدائية.
المبادئ الديمقراطية لا تنسجم مع حل البرلمان بقرار يفرض من السلطات العليا.. ولكن عندما يصبح الوجود المحض لمثل هذا البرلمان مسيئا لكرامة الناس وهيبة الدولة في آن، فإن صرفه يكون ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل.. أن تبصم على كل قرارات البرجوازية المتوحشة شيء، ولكن احتراف التهريج لا يليق إطلاقا بمفهوم الدولة أو المؤسسات.