البترول الوطنيه وشرق الصفاوي
طالعتنا الصحف المحليه بانه أخيرا، وبعد مباحثات زادت عن الثلاث سنوات بين سلطة المصادر الطبيعيه وشركة البترول الوطنيه، تم إقرار اتفاقية الامتياز للشركه للتنقيب عن النفط في شرق الصفاوي.
وهنا تجد ان الخبر يأخذ اهتماما إعلاميا يُعطي الاردنيين الامل بان النفط قريب وبان شركة البترول الوطنيه شَمّرت عن ذراعيها أخيرا لاستخراج النفط الكامن في الأرض الاردنيه. ولكني ورغما عنّي لم استطع الا ان ابتسم ابتسامة السخرية من الخبر لمعرفتي بحيثياته والتي اضعها هنا بين أيديكم علّني اجد من يستطيع ان يقنعني بان مجموع واحد زائد واحد سيكون عشره !
فكما نعلم ان شركة البترول تنازلت عن امتياز حقل الريشه والذي كان يمكن ان يدر عليها دخلا ماليا يمكنها من الاستثمار في عمليات الاستكشاف في حقل شرق الصفاوي لو انها عملت على تطويره ورفع انتاجه خلال تلك السنوات، الا انها ومنذ ثلاث سنوات جلست تراقب كما نحنُ نتائج عمل بريتش بتروليوم، والتي للأسف لم تستطع لغاية اليوم انتاج متر مكعب واحد من الغاز بعد ان صرفت ٢٣٥ مليون دولار، وبالتالي لم يتوفر لشركة البترول الوطنيه أي زياده في الدخل، بل ان دخلها نقص نتيجة نقص الإنتاج لمستويات لا تكفي مصروفاتها الاداريه لوحدها فما بالك بالتنقيب في حقل جديد.
وتعتمد الشركه هنا على وفر مالي توفر لها من بقائها لأربع سنوات خلت بدون عمل، ما وَفّر لها حوالي عشرة ملايين دينار نقدي في البنك هي كل ما تملك، ومقابل توفيرها لهذا المبلغ فقد انخفض انتاج الآبار من الغاز نتيجة لعدم القيام ببرامج الصيانه الضروريه للآبار، كما ان معدات الشركه من حفارات ومعدات أصبحت بحكم التالفة وغيرال صالحه للعمل، ما افقد الشركه إمكانية العمل بمقدرتها الذاتيه.
وإذا أخذنا بالحسبان ان مصروفات الشركه الاداريه الثابته تقدر بمليونين ونصف سنويا، مما يعني ان سبعه ونصف مليون من موجودات الشركه الماليه ستذهب للمصاريف الاداريه، ودخل الشركه الحالي من الغاز والبالغ مليون ونصف يستلزم ان تعمل الشركه بهذا الإنتاج لمدة خمس سنوات لتغطية المصاريف الذي تعهدت بها للسلطة لتصرفها في الثلاث سنوات الأولى، فكيف ستركب هذه المعادله الماليه وكيف ستحقق الشركه اية نتائج بهذه الإمكانيات الماليه الهزيلة وهذه المعدات المتهالكة وهذا النقص الحاد في الكادر ؟!
ورغم ان هذا يمثل مهزلة بحد ذاتها، الا انه ليس هذا وحده ما آثار سخريتي، بل أنني ربطت كيف ان شركة البترول الوطنيه ستتمكن من تنفيذ برنامج استكشافي لحقل جديد وتصرف سبعة ملايين دولار، بينما وزير الطاقه أعلمنا ان شركة بريتش بتروليوم صرفت خلال ثلاث سنوات على مشروع بمتطلبات اقل ما يزيد عن مئتان وخمسه وثلاثون مليون !! فاي الرقمين هو الرقم المنطقي للاردن، الأول سبعه مليون ام الثاني ٢٣٥ مليون؟
كيف لوزارة الطاقه ان توافق لشركة بريتش بتروليوم على موازنة حفر بئر واحده في الريشه بمقدار ٤٥ مليون ومسح زلزالي ٥٠ مليون و١٤٠ مليون مصروفات إداريه ودراسات، وثم تبشرنا ان شركة البترول ستقوم بذلك كله بمبلغ ٧ مليون؟
يا اخي اقسم بالله أشي بيدوّخ ... ولا ينطلي على طفل فكيف نُرَوّج له؟