jo24_banner
jo24_banner

سرفيس طبي..

أحمد حسن الزعبي
جو 24 : إذا رأيتم أحدهم ينبش جياب القمصان المهملة، ويقلب بطانات الجاكيتات «البائدة»، او يرفع الجرائد التي تغطي رفوف النملية، او يبحث في دفاتر وأوراق قديمة عن شيء ثم يمزّق ويرمي اعرفوا أن «الطفر ذابحه»..
***
قرار حكومتنا باستيفاء رسوم نقل المرضى بسيارات الإسعاف التابعة لوزارة الصحة يشبه تماماً النبش بجياب القمصان المهملة، وبطانات الجاكيتات العتيقة، والتقليب في الدفاتر القديمة...
لقد شعرنا جميعاً بخجل بالغ، وبسخرية مرّة ونحن نقرأ تفاصيل أجور نقل المصابين غير المؤمّنين وغير الأردنيين..فلا يمكن أن تصبح إنسانيتنا وواجبنا تجاه الإنسان الذي نقول انه أغلى ما نملك محسوبين «بهذه الطريقة»:
انظروا إلى اللائحة العبقرية التي أقرتها الحكومة:
المسافة التي تقل عن 25 كيلو متراً يدفع الأردني غير المؤمّن صحياً 10دنانير، و30 ديناراً لغير الأردني.
المسافة من 25- 50 كم..يدفع الأردني غير المؤمّن 25 ديناراً، وغير الأردني 75 ديناراً.
المسافة من 51كم- 100كم..يدفع الأردني غير المؤمّن 50ديناراً، وغير الأردني 150ديناراً.
ألمسافة أكثر من 100 كم..يدفع الأردني غير المؤمن 75 ديناراً، وغير الأردني 250ديناراً...
هل استمتعتم بالمسافات المرتبطة بالوجع؟ بصراحة لا أدري من المبتكر الذي فكّر بهذه الحسبة ولا حتى بكيفية تقسيمها ... ان من يتلقى إسعافا عاجلاً، من يتعرّض لحادث سير، او جلطة قلبية، او نزيف حاد يستدعي نقله إلى مستشفى قريب أو مركز طبي، حتماً هو لم يختر الــ»امبلانص» للقيام بنزهة هو وعائلته، كما انه لم يحتج سيارة الإسعاف للتزمير في فاردة عرس، ولم يستخدمها سيارة «طلب» ليقضي مشواره...انه ينزف، انه يموت...هل تعني هذه الكلمات لكم شيئاً يا من تبحثون عن «فراطة الفراطة» بأيدي المساكين والمعثرين والنازفين وعابري السبيل، وتتركون المليارات بأيدي سارقيها...
ثم ما هذه النبوغة في احتساب المسافات؟..ارحمونا من عبقريتكم قليلاً .. ومن عقدكم الحسابية التي تفرغونها على ظهر هذا الشعب المسكين كل يوم بطريقة وبأسلوب مختلف...هل لي ان اطرح عليكم بعض الاسئلة العملية:
* ماذا لو كان المريض غير المؤّمن لا يملك سوى 5 دنانير، هل يُرمى بنصف المسافة ويتركونه يركض خلف الامبلانص بالمسافة المتبقية؟...
* ماذا لو أسعف الامبلانص حالة، وفي الطريق وجد حادث سير واضطر لأخذ حالة أخرى..من الذي سيدفع «أجار النقلة»..ام «سيتعازم» المصابان..وهما ينزفان..جيرة الله حسابك واصل، بقلك..بالطلاق ما بتدفع؟ واجبك علينا ولو؟..
* ماذا لو اختلف المصاب وسائق «السرفيس الطبي» :
سائق الاسعاف: بطلع عليك 25 ليرة حجي لأنه المستشفى أكثر من 30كيلو..
المريض وهو يضع يده على صدره من اثر الأزمة القلبية : يا رجل 18 كم، ما انا كل يوم..آه..آه..باجيها..
مما يستدعي لاحقاً، تركيب عداد أجرة في سيارة الإسعاف، و»تسعيرة فتحة عداد» لتجنب الخلافات، والفض بين الخصومات...
وأخيرا وليس آخرا: ماذا لو أعطى المريض 30ديناراً بدل إسعافه مسافة 28 كم، والمطلوب منه 25 ديناراً ولم يكن مع السائق «فراطة»..هل يأخذه «طشّة « بالخمس ليرات المتبقيات، ام يلف به حول المستشفى بما قيمته 5 دنانير..
***
خلاصة القول: قطرة العرق النازفة خجلاً هذه الأيام..تساوي قطرة الدم..


ahmedalzoubi@hotmail.com
تابعو الأردن 24 على google news