jo24_banner
jo24_banner

الأردن في ظل تعيينات الإدارة الأمريكية الجديدة

د. حسن البراري
جو 24 :
تنطوي تعيينات الرئيس ترامب الأخيرة لكل من جون بولتون لمنصب مستشار الأمن القومي ومايك بومبيو لمنصب وزير الخارجية على مخاطر كبيرة سيكون لها انعكاسات على سياسة أمريكا إزاء الشرق الأوسط، فنظراً للتقارب في الأفكار بين الرجلين ورئيسهم يخشى بعض المختصين من تبلور بنية ذهنية لصناعة القرار تسمى بالأدبيات بالتفكير الجماعي (Groupthink). فهذا النمط من البنى الذهنية يؤدي إلى تراجع المقدرة العقلية لفريق الصقور ويحد من قدرتهم على تفحص الحقائق ما يفضي بدوره إلى تدهور في الحكم الاخلاقي على القضايا المختلفة. والحق أن أول من أطلق هذا المفهوم كان إفرينغ جانيس في عام 1972عندما أقترح بأن الكثير من مشاكل السياسة الخارجية الأمريكية هي نتاج وجود هذا النمط من التفكير الجماعي لدى صناع القرار إذ يقوم كل فرد بالحفاظ على التضامن والوحدة بين أفراد المجموعة على حساب التفكير النقدي المستقل.

بهذه التعيينات، يمكن القول إن تيار الصقور أحكم قبضته على مفاصل صناعة القرار في البيت الأبيض، وهناك حديث عن نية جون بولتون تطهير البيت الأبيض من كل من لا يتوافق مع سياسات تيار الصقور، بمعنى أنه لن يسمع إلى صدى لصوته! بعيداً عن صقرية بولتون، يتسم هذا الرجل بقدرته على تنفيذ ما يراه وترجمته إلى واقع، فهو رجل مواقف وأفعال وليس تصريحات. وعليه، فإن إسرائيل هي أكثر الدول فرحاً بهذا التغيير في ظل مواقفه إزاء إيران والفلسطينيين.

جون بولتون لا يؤمن بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، وهو يرى بأن هناك ضرورة لإعادة الضفة الغربية إلى الأردن، طبعا القدس خارج الحسابات، فهي بالنسبة له إسرائيلية. وهو لا يختلف كثيرا عن رئيسه دونالد ترامب الذي لا يستبعد حل الدولتين لكنه لا يراه السيناريو الوحيد، بمعنى أن ما يؤمن به بولتون قد يكون خطة عمل لإدارة البيت الأبيض في قادم الأيام، وهذا بدوره يخلق تحدياً للأردن.

ومن جانب آخر، يؤيد جون بولتون التقارب مع الأردن ومنحه المساعدات الإقتصادية حتى يتسنى له الدفاع عن نفسه في وجه التهديدات الناجمة عن التطرف والعنف والارهاب. المفارقة بأنه لا يرى بأن سياسة بلاده في الانحياز التام لإسرائيل إنما هي أحد أهم محركات التطرف في المنطقة بشكل عام. وعلى الرغم من قوة شخصية بولتون إلا أنه سطحيّ المعرفة لديناميات الصراع في المنطقة ويغلب عليه الطابع الاستشراقي في تقييمه لواقع المنطقة. بكلمات أخرى، سيشكل موقف بولتون حول شكل الحل مع الفلسطنيين أحدى نقاط التوتر مع الأردن.

وفي سياق متصل، يعارض بولتون ومعه وزير الخارجية الجديد الاتفاق النووي مع إيران، وربما سيضغط على الرئيس ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي في الثاني عشر من مايو القادم. طبعا، سيرافق هذا الخروج من الاتفاق صراع آخر مع إيران في سوريا، هذا الصراع الذي على الأرجح أن يأخذ الطابع الدموي في بعض محطاته سيؤثر على مصالح الأردن في سوريا وفي الإقليم.

وبناء على ذلك، على صانع القرار أن لا يرتاح لهذه التغيرات، فصحيح أن فريق الصقور لا يأبه بالسياسة الداخلية لدول المنطقة ولا يقيم وزناً لانتهاكات حقوق الإنسان وهو أمر يبعث على الراحة بالنسبة للأنظمة المستبدة في المنطقة، لكن مواقف هذا الفريق من قضيتي إيران وعملية السلام لا تخدم تطلعات الأردن. الأردن الذي يتلقى مساعدات كبيرة من الولايات المتحدة سيكون عليه التعامل مع المخرجات السيئة للسياسة الخارجية الأمريكية دون أن يكون له فيتو على هذه المخرجات. وبما أن عنصر التوازن المتمثل بريكس تيلرسون ومكماستر قد إختفى، فعلى عاتق الأردن تقع مهمة تحقيق هذا التوزان من خلال الاشتباك مع إدارة ترامب لطرح وجهة نظر مختلفة. برع الأردنيون القيام بذلك في آخر عقدين غير أنه يبنغي التذكر بأن الاردنيين ليسوا لوحدهم في الساحة الأمريكية.
 
تابعو الأردن 24 على google news