2024-09-02 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

زيارة الاقصى:سؤال الفتوى والجدوى

حسين الرواشدة
جو 24 : حين سألت الشيخ العزيز رائد صلاح اثناء زيارته للدستور عن الجدل الذي يدور بين علمائنا حول زيارة المسجد الاقصى ،وعن جدوى القيام بهذه الزيارة في هذا الزمن الذي تتعرض فيه المقدسات الاسلامية لابشع انواع التهويد والانتهاك،قال: بحكم معايشتي لواقع الاحتلال اعتقد بان الزيارة غير مشروعة وهي تصب في مصلحة الاحتلال الصهيوني ،ثم ذكرنا بان كل زائر للاقصى من الخارج مهما كان موقعه يدخل اليه من بوابة(المغاربة) ،وهذا بالطبع مقصود لان المغتصب يعتبر هذه البوابة دون غيرها بوابة رسمية تحت سيطرة جنودة وكأنه يريد ان يقول للزائرين والداخلين:ها انتم تعترفون بالاحتلال وتمرون تحت حراسة جنودنا وباذن منهم .

انا -بالطبع -لا اشك لحظة بان نوايا اخواننا الذين لم يجدوا سبيلا لنصرة المقدسيين سوى (زيارتهم) كانت بريئة ، ولا اخفي بأنني - وربما غيري - نتمنى ان نزور القدس ، ونصلي في مسجدها الاقصى ، كما كان يفعل آباؤنا واجدادنا حين يعودون من الحج ويواصلون الرحلة الى بيت المقدس ، لكن هل ثمة مصلحة في زيارة القدس وهي تحت الاحتلال؟ واذا كانت الغاية مشروعة - وهي كذلك - فهل الوسيلة مشروعة ايضا ، بمعنى هل يجوز دينياً واخلاقياً التماس الطلب من المحتلين لزيارة احد مقدساتنا التي تتعرض للسطو والبلطجة على ايديهم؟.

في الاجابة عن سؤال المصلحة ، اعتقد ان لدينا مئات الابواب التي يمكن ان ندخل منها لنصرة اخواننا في فلسطين والقدس ، ماديا او معنوياً وبالتالي فان زيارة داعية او فريق كرة قدم او وفود ثقافية لا تصب في مصلحة اخواننا هناك ، ولا تدعم قضيتهم ولا صمودهم ، بل انها تصب في مصلحة (المحتل) الذي سيجد في ذلك فرصة لاقناع العالم بانه (متسامح) دينياً ، وبأن احتلاله لبيت المقدس لم يغلق الباب امام المسلمين للزيارة والعباد ، وبالتالي فان كل ما يقال عن (ممارساته) ضد المقدسات ، تدميراً وحصاراً واغلاقاً ، مجرد دعاوى لا اساس له امن الصحة.

في الاجابة عن السؤال الثاني: لا يوجد في الاسلام - والاديان كلها - أي اعتبار للغايات المشروعة ان لم تكن وسائلها مشروعة ، بمعنى ان زيارة القدس - فاية - لا بد ان تكون بوسيلة مشروعة ، وما دام المرور عبر لاحتلال وسيلة مشبوهة ومرفوضة فان ما يتحقق من مقاصد بالتالي يبدو مشبوهاً ومرفوضاً ، تماما كما يحصل عندما يريد احد الناس ان يتصدق على المساكين والفقراء فيذهب لكي يسرق او ينهب ، الغاية مشروعة والوسيلة (محرمة) اذن النتيجة معروفة.

ثمة ضرورات بالطبع تدفع بعض اخواننا الى زيارة الاراضي المحتلة ، هذه - بالتأكيد - مفهومة ومبررة ، وثمة حالات تتعمد فيها اسرائيل ايقاع البعض في مصيدة (التطبيع) كما حصل للعديد من الوفود التي زارت غزة او غيرها من مدن الضفة الغربية ، هذه - ايضا. تدخل في باب (الاضطرارات) ، لكن ما نقصده هو (خيارات) البعض المحضة في زيارة القدس او غيرها ، عبر البوابات الاسرائيلية ، خاصة تحت عنوان (الصلاة) في الاقصى او دعم المقدسيين او تمتين العلاقات مع اخواننا الفلسطينيين داخل اراضي 48 او غيرها ، هذه الخيارات - وان كانت اهدافها معتبرة ومقدرة الا انها لا يتحقق المصلحة ، ولا تتلمس الوسائل المشروعة ولا تخدم قضيتنا العادلة ، وغالبا ما توظفها اسرائيل في سياقات مشبوهة ، وفي خدمتها دائماً.

حين سئل البابا شنودة ، زعيم الاقباط في مصر ،(قبل وفاته) اذا ما كان سيسمح للمسيحيين بزيارة القدس ، رفض ذلك واكد انه لن يزورها ما دامت تحت الاحتلال الاسرائيلي ، وهذا ما اتفق عليه معظم علمائنا المسلمين ايضا ، فهل ثمة جديد يدعونا الى اعادة الجدل حول هذه المسألة مرة اخرى؟.

لا ادري بالطبع ولكن علماءنا الذين استضافتهم لجنة القدس في نقابة المهندسين قبل ايام اعادوا تذكيرنا بعدم جواز الزيارة في هذا الوقت وقالوا بصراحة اذا كانت ثمة غيره على المقدسات فليكن الطريف هو تحريرها من الاحتلال اولا او دعم اهلها الصامدين بالمال وغيره من الوسائل لتثبيتهم في ارضهم وانتزاع حقوقهم .

اعتقد ان من الحكمة والمصلحة اغلاق هذا الباب نهائيا ، فما دام (التطبيع) السياسي قد انزوى الجدل عنه ، فما الذي استجد حتى نفتح باب (التطبيع) الديني.. واسرائيل تشهر على الملأ براءتها من (السلام) وانتهاكها للمعاهدات وتهويدها للمقدسات واعتقالها للالاف من اخواننا الفلسطينيين؟الدستور
تابعو الأردن 24 على google news