jo24_banner
jo24_banner

إسرائيل والقرار الأصعب والموقف من الأردن

د. حسن البراري
جو 24 :
مسيرات العودة التي تنطلق من قطاع غزة وما يرافقها من سقوط الشهيد تلو الأخر تطرح سؤالاً مختلفاً على المجتمع الإسرائيلي لا يمكن لليمين الحاكم الإجابة عليه، فماذا لو عاد جزء من اللاجئين إلى قراهم المدمرة داخل الخط الأخضر؟ هل ستنتهي حينها دولة إسرائيل بالشكل الذي نعرفه الآن؟ وماذا عن يهودية الدولة، القيمة الأعلى صهيونياً؟!

أمضيت فترة ليست بسيطة وأنا أتابع تفاصيل المشهد الديمغرافي في إسرائيل للتوقف عند خيارات إسرائيل بعد أن أحكمت القوى التي تمثل مصالح الاحتلال والاستيطان قبضتها على مفاصل صنع القرار. وما من شك بأن الأرقام الرسمية التي قدمت بالسادس والعشرين من الشهر الماضي للكنيست الإسرائيلي من قبل الإدارة المدنية بشأن أعداد اليهود والفلسطينيين في المنطقة الجغرافية الواقعة ما بين البحر المتوسط وحتى نهر الأردن هي صادمة بالنسبة لليمين الإسرائيلي الذي لم يقدم صيغةً مقنعةً لكيفية التوفيق بين التوسع على حساب الفلسطينيين ويهودية الدولة أو بين ديمقراطية ويهودية الدولة. فالأرقام الإسرائيلية الرسمية تشير إلى أن عدد اليهود الذين يعيشون ما بين النهر والبحر هو ستة ملايين ونصف المليون نسمة وهو نفس عدد الفلسطينيين على نفس البقعة الجغرافية.

بعيدا عن الجدل التاريخي بين العمل والليكود، وبعيدا عن تقليل اليمين الإسرائيلي من أعداد الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية، فإنه لن يكون بوسع اليمين الإسرائيلي بعد اليوم الإصرار بأن هناك تحريفا في الأرقام خدمة لتوجهات سياسية يسارية، وعلى هذه القوى الآن مواجهة الواقع. وأتوقع أن يتحول النقاش العام في إسرائيل في فترة قريبة ليتمحور حول كيفية التوفيق بين التوتر المتجذر بين طبيعة الدولة اليهودية مع القيم الديمقراطية، وكيف يمكن تجنب أن تحكم أقلية يهودية أغلبية فلسطينية (ابرتهايد).

يرى بوسي بيلين – احد حمائم حزب العمل المؤثرين – بمقال له نشر على موقع المونتور بأنه يمكن استخلاص عدد من المواقف الأولية ترتبط بالقنبلة الديمغرافية التي قد تنسف المجتمع بأي لحظة. يرى الليبراليون بأنه لا يوجد تنافض بين الطبيعة اليهودية للدولة والديمقراطية وهو موقف رومانسي لا يصمد أمام حقائق الصراع، وترى القوى "الوطنية" التي تعارض تقسيم الأرض بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بأنه يمكن ضمان يهودية الدولة من خلال فرض السيادة الإسرائيلية على كل الأرض ومنح الفلسطينيين في الأراضي المحتلة حقوق فردية وليست سياسية. ومن جانب آخر يقترح اليسار غير الصهيوني دولة واحدة ثنائية القومية للجانبين يتساوى فيها الجميع. وهناك طبعا الاتجاه الذي يمثله حزب العمل ويرى بأن الحل لهذه المعضلة يكمن في اقتسام الأرض مع الفلسطينيين لتحقيق الانفصال التام عنهم حتى لو تطلب ذلك إقامة دولة فلسطينية.

أمام هذا الواقع الديمغرافي الخطر يتعين على إسرائيل التفكير في سيناريوهات لكل منها تبعات. فإما ان تقبل بحل الدولتين لتحقيق الانفصال التام عن الفلسطينيين وبالتالي توفق بين يهودية وديمقراطية الدولة وهذا بدوره ينسف وحدة الوسط اليهودي في إسرائيل لأن هناك خلافات عميقة حول حدود هذا الفصل. أو أن تقبل بسيناريو حل الدولة الواحدة وهذا يأخذ شلكين كلهما مر: دولة ثنائية القومية ديمقراطية ما يعني الغاء صفة اليهودية عن الدولة ويمكن لأي فلسطيني أن يفوز بالانتخابات وهذا كابوس سيقلق هيرتزل في قبره. أو دولة ثنائية القومية تحكم فيها الأقلية اليهودية الغالبية الفلسطينية وهذا يعني إقامة نظام فصل عنصري على غرار نظام الابرتهايد بجنوب أفريقيا وهو نموذج يمكن هزيمته إذ أنه لن يحافظ على أي تعاطف دولي. والسيناريو الأخير هو التخلص من الفلسطيني…
تابعو الأردن 24 على google news