الخواجا يكتب: انتهاك الفضاء الأردني معيب يا هيئة الاتصالات!
جو 24 :
كتب خالد الخواجا - من العيب أن نبقى صامتين ازاء ما نشهده من تجاوزات اسرائيلية خطيرة على الفضاء الأردني، تتمثل بهيمنة وتشويش الاذاعات الاسرائيلية على اذاعاتنا الأردنية البالغ عددها 46 اذاعة من خلال قوة بثها المضاعفة.
كنت قد كتبت تقريرا موسعا قبل أكثر من عام حول غياب بثّ الاذاعات الأردنية في العديد من المناطق السكنية، حيث يختفي البثّ الأردني وينقلب إلى عبري بمجرّد التوجّه غربا أو الاقتراب من المطلات القريبة من مناطق الأغوار، وقد كنت آمل بأن نضع حدّا لهذا التغوّل والتشويش الذي يصل إلى نصف مساحة المملكة، ويفرض علينا الاستماع إلى الاذاعات الاسرائيلية بدلا من الأردنية الوطنية، إلا أنّ هذا التغوّل أصبح أقوى من السابق..
ما شدني للكتابة اليوم، ما شعرت به من وطنية خلال حديث لمدير احدى الاذاعات الرسمية وهو يشكو قوة بث الاذاعات الاسرائيلية التي غطت نصف العاصمة والطريق الصحراوي، حتى وصلت الى مناطق مهمة في المحافظات وصولا الى توقف الاذاعة الاردنية على شارع الاردن ولمسافة ثلاث كيلو مترات لتسمع اذاعة اسرائيلية بكل وضوح!
الاذاعة الاردنية اجتهدت في رفع برج البث الرئيس في ساحة المقابلين إلى 1025 مترا عن سطح البحر، إلا أنها لم تنجح في مجاراة قوة البث الاسرائيلي، لتلجأ الاذاعة إلى نصب برج أعلى مطلّ على الغرب، إلا أن تلك الجهود باءت بالفشل أيضا.. بحسب احد مهندسي البث في التلفزيون الاردني.
ويبيّن هذا الخبير أن هناك ثلاثة شروط تتحكم في قوة البث وايصاله إلى هدفه؛ وهي قوة البث وارتفاع البرج عن مستوى سطع البحر ووعورة المنطقة وطبيعتها الجغرافية، وقد تمّ تقديم شكاوى لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات وشكاوى دولية وعالمية من خلال مؤتمرات عديدة، إلا أن اسرائيل كانت تتجنب حضور مثل هذه المؤتمرات لكي لا تجيب على مثل هذه الشكاوى.
ويقول الخبير إن الاذاعة الأردنية من أقوى كل الاذاعات المحلّية بثا، حيث تصل قوة ارسالها إلى 10 كيلو واط، إلا أن الجانب الاسرائيلي يبثها بقوة 25 كيلو واط، وهذه قوة هائلة لا يمكن مجاراتها إلا بأجهزة أقوى منها.
عدد سكان المملكة وصل إلى قرابة عشرة ملايين نسمة، أكثرهم يقطنون أهم المناطق الغربية المطلة على الاغوار ومناطق اربد وغربها ومحافظة عجلون وصولا إلى محافظة البلقاء والمناطق الغربية للعاصمة ومناطق ناعور ومادبا والكرك والطفيلة والبترا، وصولا لمدينة العقبة ومناطق الاغوار الشاسعة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وهم يشكّلون الغالبية العظمى سكان المملكة.
كيف نقبل على أنفسنا أن تهيمن وتتغوّل الاذاعات الاسرائيلية على مناطق شاسعة من بلادنا، ولم يقف الأمر عند الاذاعات فقط، بل وصلت إلى تغول شبكات الاتصالات الاسرائيلية؛ فقبل وصولك لمنطقة الاغوار وفي حال لم يكن مستخدم شبكات الاتصالات خبيرا ولا يعرف الواقع، فإنهم يواصلون اتصالاتهم عبر الشبكات الاسرائيلية لينتهي رصيدهم بمجرد فتح الخط والاتصال من خلاله!
لا أعرف ما هو دور هيئة تنظيم قطاع الاتصالات ووزارة الاتصالات التي تقف مكتوفة الايدي ومسلوبة الارادة عن ايجاد حل عاجل لوقف هذا الاعتداء السافر على أجوائنا وشبكات البث دون أي رادع ولسنوات عديدة.
من حق المواطن الأردني أن يستمع لاذاعاته الوطنية من كافة أرجاء المملكة، ومن غير الممكن أن تُفرض هذه الاذاعات على سماء المملكة دون تطوير اتصالاتنا وتقوية بثها وبث الاذاعات الاردنية إلى حد قوة الاذاعات الاسرائيلية بل واقوى منها.
وهنا، لا بدّ من الاشارة إلى أنه في حال وقوع الكوارث والحروب وانقطاع الاتصالات، فإن الاذاعات تلعب أدوارا وطنية لا تقل اهميتها عن الدور القتالي الميداني، خاصة أننا نجاور أعتى اعدائنا، الأمر الذي يستوجب منا أن نكون يقظين وحذرين. وهنا اتساءل أليس من الممكن أن تلعب الاذاعات الاسرائيلية الناطقة باللغة العربية دورا في تغيير الثقافة الاردنية وانتمائها وولائها من خلال برامج معدة سلفا للتلاعب بالمشاعر والعقول؟! أليس من المتوقع أن تكون قوة البث الاسرائيلية المضاعفة متعمدة ومقصودة لنشر الثقافة والعادات والأفكار المسمومة للعدو الاسرائيلي والتي تصل إلى أكثر من نصف عدد سكان المملكة؟!
من العار والخيانة أن نصمت على استباحة نصف الفضاء الأردني لصالح الاذاعات الاسرائيلية، ومن العار أن نصمت على غياب الاذاعات الوطنية عن الأثير، فهي المسؤولة عن ايصال الرسائل الوطنية ورفع معنوية الشعب الاردني اثناء الازمات والحروب، ونقل مشاكلهم وحلها أيضا..